إذًا أخذ بعض العلماء من هذا -وهم قلةٌ- أنهم في النار، إذًا هم كفار، وقلنا إن هناك احتمالات:
١ - هؤلاء فيهم من ارتد عن دين اللَّه -كما هو معلومٌ-، وفيهم من ادّعى النبوة، وفيهم من منع الزكاة.
٢ - أن الذين امتنعوا عن الزكاة جحدوها، وأنهم إذن ارتدوا عن دين اللَّه.
فثمة احتمالاتٌ متعددةٌ، ولذلك فإنَّ جماهير العلماء لم يحكموا بالكفر، لكن قالوا: ارتكبوا معصيةً عظيمةً وخطيرةً، ويُخشى عليهم، وهم تحت مشيئة اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨].
ولا يُشكل أيضًا على بعض القراء سبب التفريق بين الصلاة وبين الزكاة، أو لماذا فرّق بعض العلماء؟ لقد مرَّ بنا أنَّ هناك إجماعًا على أنَّ من أنكر وجوب الصلاة فهو كافرٌ، واختلفوا فيمن اعترف بوجوب الصلاة لكنه تكاسل عن أدائها، اختلفوا في حكمه، فأكثر العلماء قالوا بأنه ليس بكافرٍ، ثم اختلفوا في عقوبته، وبعضهم قال: بأنه كافرٌ، والذين قالوا من أهل العلم بأنه كافرٌ حجتهم قويةٌ؛ لأنهم استندوا إلى نصوص صحيحةٍ، وهي أحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كقوله -عليه الصلاة والسلام-: "العَهدُ الذي بَينَنا وبَينَهُم الصلاةُ، فمن تَرَكها فَقَد كَفَرَ" سنن الترمذي.
إذًا حكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على من ترك الصلاة بأنه كافرٌ، وقال في الحديث الآخر أيضًا:"ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة"، إذًا هذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حكم عليه، وهنا لم يرد نصٌّ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحكم على تارك الزكاة بأنه كافرٌ، والأدلة في ذلك عامةٌ، والأصل في ذلك ألا يُكفّر.
هذا هو الذي ننتهي إليه في هذه المسألة، وهو أبين مما ذكره المؤلف في الكتاب، وأما أنه ربط الأمر بالعقيدة فهذا من الأمور التي ذكرها فيما يتعلق بمباحث العقيدة، وهو خطأٌ، وتعليلاته غير مُسلّمةٍ، وقد