للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أواني من ذهبٍ، ولا من فضةٍ، وليس له أن يأكل وأن يشرب فيها؛ لأنَّ هذه ليست من صفات المؤمنين، وقد تكلمنا عن ذلك فيما يتعلق بأواني الذهب والفضة عندما كنا نتحدَّث في أحكام الطهارة، في باب الآنية.

نعود لمسألتنا الآن: ما حكم زكاة الحَلْي أو الحُلِي؟ لأن الحَلي تُجمع على حُلي.

هي في الحقيقة مسألةٌ من المسائل الكبرى التي اختلف فيها الفقهاء، والحكم هنا جديرٌ بالعناية والاهتمام؛ لأنَّ من العلماء من يرى أن لا زكاة في الحُلي، ومنهم من يرى وجوب الزكاة فيه، فالأمران مختلفان، ففرقةٌ وطائفة ترى وجوب زكاة الحُلي، وأخرى ترى أن لا زكاة فيها، ومن يرى من العلماء أنَّ زكاة الحُلي واجبةٌ يعتبر أنَّ من لا يؤدي زكاتها قد ارتكب ذنبًا كبيرًا، وفرّطَ في حكم شرعيٍّ، ومن يرى أن لا زكاة فيها، فلأنها أُعدَّت للُّبسِ المعتاد وللحاجة؛ ولأنها أصلًا لم توضع للنماء، عادةً الذي يُزكى أنه يُقصَد به النماء، فالماشية التي يُزكيها الإنسان؛ من إبل أو بقرٍ أو غَنَمِ إنما تُزكَّى؛ لأنها سائمةٌ وقُصِد بها النماء، لكن لو كانت عوامل تؤدي أعَمالًا، فهذه لا زكاة فيها، إذن أي صنفٍ من الأصناف التي يقول العلماء: لا زكاة فيها، لو اتُّخِذَت للتجارة، فإنَّ الزكاة تجب فيها، كما سيأتي بعد قليلٍ بالنسبة للخيل.

إذًا العلماء اختلفوا في هذه المسألة، فأكثرهم، بل جمهور الفقهاء يرون أنه لا زكاة في الحُلي؛ أي: أن زكاة الحُلي غير واجبةٍ، هذا هو رأي أكثر الفقهاء، ونُقِل أيضًا هذا الرأي عن خمسةٍ من الصحابة، عبد اللَّه بن عمر، وجابر بن عبد اللَّه، وأنس بن مالكٍ، وعائشة، وأسماء -رضي اللَّه عنهم-، ولذلك نُقِل عن الإمام أحمد أنه قال: خمسةٌ من الصحابة لا يرون وجوب زكاة الحُلي، ويرون أنَّ إعارتها زكاتها، وخالفهم فريقٌ آخر من العلماء فقالوا بوجوب زكاة الحُلي، حتى وإن كان مُعدًّا للاستعمال وللعرية، فإن ذلك لا يُعفي صاحبه من وجوب خروج زكاته، وهذا قال به من فقهاء الأئمة أبو حنيفة، وهي أيضًا روايةٌ ليست ظاهرةً في

<<  <  ج: ص:  >  >>