للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من نصاب من ذهب، فلو ضمَّهما إلى بعض بلغت النصاب، فهل يجب عليه أن يضمهما، ويخرج الزكاة؛ لأنه إذا ضمهما إلى بعض بلغا النصاب أو ربما أكثر، كذلك لو نقص قليلًا؛ يعني: لو نقص نصاب الذهب أو الفضة قليلًا فهل تجب على الإنسان الزكاة أو لا تجب؟ لو زاد نصاب الذهب أو نصاب الفضة، وهو ما يُعرف بالأوقاص: أي الأجزاء، هل تجب الزكاة فيما زاد، أو لا تجب بالنسبة للدراهم حتى تبلغ أربعين درهمًا؟ هذا كلُّه اختلف فيه العلماء، والعلماء عندما اختلفوا في مثل هذه المسائل فإن قصدهم هو التحري والوصول إلى الحقِّ من أقرب طريقٍ وأهداه؛ فلم تكن غايتهم الخلاف؛ وإنما أرادوا أن يحرروا المسائل، وأن يدقِّقوا فيها؛ علَّهم يصلون أو يقربون إلى ما أراده اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في معرفة أحكام هذه المسائل.

* قوله: (أَحَدُهَا: فِي نِصَابِ الذَّهَبِ).

في نصاب الذهب، ولم يقل هنا: اختلفوا في نصاب الفضة؛ لأن نصاب الفضة مُجمعٌ عليه، وقد وردت في ذلك أحاديث في "الصحيحين" وفي غيرهما؛ كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس فيما دون خمسِ أواقٍ صدقة"، إذن قطعت جهيزة قول كلِّ خطيب؛ فهذا حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وغيره من الأحاديث الصحيحة قد نصَّت على أن زكاة الفضة هي مائتا درهم؛ أي: تجب الزكاة في مائتي درهم؛ فإذا ما ملك الإنسان هذا القدر -وهو ما قلنا إنه يعادله ستةٌ وخمسون ريالًا فضةً من الريال السعودي- فإن الزكاة تجب عليه.

لكن لو كان أقلَّ من ذلك بقليل، وأراد أن يتبرع فهذا أمر راجعٌ إليه؛ لأنه كما جاء في الحديث الصحيح: "في الرقة ربع العُشر، فإن لم يكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء"، هذا حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسنعود لهذا الحديث؛ "فإن لم يكن"، يعني: عنده "إلا تسعين ومائة"، يعني: لم تبلغ مائتي درهم؛ فليس فيها زكاة، فليس عليه فيها شيء إلا أن يشاء، والإنسان له أن يتصدَّق، والصدقة أبوابها مفتوحة، ومعلوم أن "الصدقَة تُطْفِئُ الخطيئةَ كما يُطْفِىُء الماءُ النارَ" صححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>