وتثور الإشكالات ربما، وتأتي المسائل الدقيقة فيمن يشتغلون بأنواعٍ من التجارة؛ كأصحاب العمائر والسيارات والمصانع وغيرها، فهناك مسائل كثيرة وبخاصَّة في زمننا هذا فقد جدَّت وتنوعت؛ فهي حقيقةً تحتاج من المسلم أن يتحرى في ذلك، وأن يعرف ما يجب وما لا يجب؛ حتى لا يُقصِّر في حقِّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وفي حقوق الذين تجب لهم الزكاة، وربَّما مثل هذه المسائل تأتي الإجابة عليها في مناسبات تجرُّنا إلى الكلام عنها.
لأنهما إذا خرجا من معدن؛ فإن الأمر يختلف، بمعنى: أنها لا تكون صافية، وهنا يتكلَّم العلماء أيضًا عن الذهب والفضة المغشوشين، والمختلطين بغيرهما، فما معنى هذا؟ هل يُقدِّر الإنسان أو يصفِّيه؟
لا شكَّ أن الأولى تصفيته، وفي قصَّة القلادة التي جاءت في "صحيح مسلم"، والتي أراد رجل أن يشتريها، فمنعه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن ذلك يجرُّ إلى الرِّبا، وقد جاء في بعض الروايات أنه بعد أن أخرج ما فيها من خرز، وصُفّي ما فيها، تبيَّن أنه أكثر من القدر الذي ستُشترى به، ومن هنا نجد أن الشريعة الإسلامية تحرص دائمًا على ألَّا يقع المسلم في أمرٍ محظور، وإنما هي تنبِّهُه، وإنما حُرِّم الربا لما فيه من الظلم، ولما فيه من استغلال الآخرين، ولما فيه من التعدِّي على حقوقهم، واللَّه أحل البيع؛ لما فيه من المصلحةَ المتبادَلة، ولأن الناس يحتاجون إليه ولا يستغنون عنه، قال تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥]، مع أن الرِّبا نوعٌ من البيع، لكنه نوعٌ محرَّم، وذاك هو الأصل الذي أحلَّه اللَّه سُبْحانَهُ وَتَعَالَى.
سيتكلم المؤلف هنا عن مسائل خمس داخلة في هذا الباب، والباب هنا إنما هو ما يتعلَّق بزكاتي الذهب والفضة، هل الذهب والفضة شيء واحد أو لا؟ لو قُدِّر أن إنسانًا عنده جزءٌ من نصاب من فضَّة، وجزء آخر