للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحبِّ ما يحبه الإنسان في هذه الحياة، إنما هو ماله؛ فالإنسان يحبه، وابن آدم "لو أعطي واديين من ذهب، لطلب الثالث، ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب" أو "جوف ابن آدم" في رواية، لكن مع ذلك من يهبه اللَّه سُبْحَانَهُ وتَعَالَى نفسًا أبيةً، ويكون هو أيضًا سخيًّا، ويحب فعل الخير، فهذا تجده كالريح ينفق المال، ومع ذلك كلَّما أنفق زاده اللَّه؛ فالنفقة في سبيل اللَّه لا تضيع المال؛ فليست تبذيرًا، إنما التبذير أن يضيِّعَ الإنسان ماله فيما لا ينفع، وأن يسرف في أمور لا تنفعه، أو ربما يصرف ماله فيما يضرُّه في معاصي اللَّه سُبْحَانَهُ وتَعَالَى، حتى وإن كانت من الأمور التي يتصور أنها من العبادات التي يقيمها؛ من مناسك، واجتماعات كالتي يفعلها بعض الفرق؛ كالمتصوفة وغيرهم ممن يقومون بمثل هذا.

هذه حقيقةً أموالٌ تضيع، فما يفعله الإنسان مما هو غير مشروع، وما يصرفه من أموال في غير محلِّها، كلُّ هذا يكون تبذيرًا، أمَّا أن يصرف الإنسان المال في طاعة اللَّه سُبْحَانَهُ وتَعَالَى، وينفقه، ولو أنفق كُلَّ ما عنده، فاللَّه سُبْحَانَهُ وتَعَالَى سيخلفها عليه.

* قوله: (فَإِنَّ الْجُمْهُورَ (١) قَالُوا: إِنَّ مَا زَادَ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنَ الْوَزْن فَفِيهِ بِحِسَابِ ذَلِكَ).


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٣/ ١٣٦)؛ حيث قال: "واختلفوا في العشرين دينارًا إذا لم تبلغ قيمتها مائتي درهم وفيما تساوي من الذهب وإن يكن وزنه عشرين دينارًا، فالذي عليه جمهور العلماء أن الذهب تجب فيه الزكاة إذا بلغ وزنه عشرين دينارًا وجبت فيه زكاة نصف دينار مضروبًا كان أو غير مضروب إلا الحُليّ المتخذ للنساء فله حكم عند العلماء يأتي في بابه إن شاء اللَّه، وما عدا الحلي من الذهب فالزكاة واجبة فيه عند جمهور العلماء إذا كان وزنه عشرين دينارًا يجب فيه ربع عشره بمرور الحول وسواء ساوى مائتي درهم كيلًا أم لم يساو وما زاد على العشرين مثقالًا فبحسابه ذلك بالقليل والكثير وما نقص من عشرين دينارًا فلا زكاة فيه سواء كانت مائتي درهم أو أكثر والمراعاة فيه وزنه في نفسه من غير قيمته، فهذا مذهب مالك والشافعي وأصحابهما والليث بن سعد والثوري في أكثر الروايات عنه وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيد، واختلف في ذلك عن الأوزاعي، وهو قول علي بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>