عاد مرةً أُخرى إلى حديث الحسن بن عمارة، وسيأتيه بمطول من الكلام، وقد سبق أن تحدث عنه.
نعم، هو كما قال، لكن قلت من قبل: له شواهد في حديث عمرو بن شعيب وغيره، فبعض العلماء يجمعها ويراها صالحة، وهو كما قال الإمام مالك: ما اشتهر، عندما استدل به في المسألة الأولى.
انتبه لهذه القضية؛ هذه من المسائل الدقيقة في هذا الكتاب، وهذا الكتاب قد نراه بسيطًا، والكثيرون يرون فيه صعوبةً، وصعوبة هذا الكتاب أنه كتاب مؤَلف منذ القدم، ومؤلفه -كما هو معلوم أيضًا- ممن اشتهروا بالفلسفة والمنطق، فربما تأتي بعض عباراتهم فيها قوة، ولكن مَن يدرس هذا الكتاب ويدقِّق فيه، ومن عنده اطلاع، لا يرى صعوبة في عبارات هذا الكتاب.
ودليل الخطاب يتكرر معنا كثيرًا، والمؤلِّف لا يسميه إلا دليل الخطاب، وربما عرف أكثر بمفهوم (المخالفة)، ومرَّ بنا الدليل الذي دائمًا يضرب به الفقهاء المثل:"في الغنم السائمة الزكاة"، ولذلك جاء به المؤلف على أنه دليل "في الغنم السائمة الزكاة"، وهو (في الغنم في سائمتها الزكاة)، وكذلك ورد في الإبل.
وهذه العبارة أخذوها من الحديث؛ فصار الأصوليون يضربون بها المثل، ويجعلونها مقياسًا.
(في الغنم السائمة الزكاة)، هذا له منطوق ومفهوم، فمنطوقه: أن السائمة فيها زكاة، ومفهومه: أن المعلوفة لا زكاة فيها، ويلحق بالمعلوفة