الراعي، ما دام المرعى واحدًا، فينبغي أن يكون الراعي كذلك، وقد جاء في بعض الأحاديث النص على الفحل الذي يطرقها، وكذلك الحوض، الذي هو مكان الشرب، والراعي يعبِّر أيضًا عن المرعى.
هذا فيما يتعلق بخلطة الأوصاف، هل الخلطة هذه خاصة بالماشية أو تتجاوزها إلى غيرها؟ هذا كله فيه خلاف:
- فمن العلماء مَن قال: لا خلطة أصلًا؛ إلا إذا كان ما عند كل واحد منهما يبلغ نصابًا، فإذا ما كان عند هذا مثلًا ثلاثون من البقر، وعند هذا ثلاثون من البقر، فلا مانع؛ عند هذا أربعون من الغنم، وعند هذا أربعون أو أكثر، فلا مانع؛ لكن أن يكون نصيب كل واحد منهما دون النصاب، فلا خلطة.
- ومن أهل العلم مَن قال: الخلطة جائزة ومعتبرة؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"لا يجمع يين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع؛ خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية".
هذا الحديث يبيِّن أنه ليس للإنسان أن يأتي فيفرِّقَ بين مجتمع، أو يجمع بين مفترق؛ ليفرَّ من الصدقة، (وما كان من الخليطين)، وهذا هو المراد هنا (فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية)؛ لأنه قد يكون هذا نصيبه أقل، وهذا أكثر، فيأتي المزكي المصدق فيأخذ الواجب، فهذا يرجع على صاحبه؟ لأنه أُخذ منه أكثر مما أُخذ من الآخر.
هذا بالنسبة للماشية، فبعض العلماء لا يرى الخلطة في الماشية إلا إذا بلغ مال كلِّ واحد منهما نصابًا؛ ومنهم مَن يقول: وإن لم يبلغ، لكنَّه خصَّ ذلك بالماشية، ومنهم من توسَّع في ذلك فقال: تجوز الخلطة أيضًا في النقدين، وتجوز في عروض التجارة، وفي الزروع، وفي الثمار؛ لكنهم قالوا بالنسبة للنقدين: ينبغي أن يكون الصندوق الذي يجمع فيه المال واحدًا؛ وأن تكون عروض التجارة تجمع في مخزن واحد، ففي هذه الحالة تجوز، وبالنسبة للماشية -كما ذكرنا- أن تتوفَّر الأوصاف الخمسة.
والذين توسَّعوا من العلماء في هذه المسألة أكثر من غيرهم هم