الشافعية، فنجد أن المالكية والحنفية لا يرون الخلطة، إلا إذا بلغ ما عند كل واحد منهما نصابًا.
والحنابلة -في المشهور عنهم- يرون الخلطة في الماشية فقط، والشافعية يوافقون الحنابلة في الخلطة في الماشية قولًا واحدًا؛ وأصحُّ القولين عندهم: جوازها في أموال التجارة، وفي النقدين، وفي الزروع، وفي الثمار.
هذا ما ورد في هذه المسألة، ومن هنا نجد أن الذين قالوا من العلماء بجواز الاختلاط استدلُّوا بالحديث الذي أوردناه قبل قليل، الذي فيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق؛ خشية الصدقة، وما كلان من الخليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" قالوا: وهذا حديث صحيح، وهو نصٌّ في هذه المسألة، فينبغي أن يُعمل به، وهذا يدلُّ على أن الخلطة جائزة، وليست واجبة، وهذا دليل جوازها.
- والذين قالوا من أهل العلم: لا يختلط، قالوا: إنما يجب على كلِّ إنسان أن يزكِّي ماله، ولا يخلط ماله بغيره؛ لأنَّ كُلَّ إنسان ماله متميز، ولذلك جاء في الحديث:"ليس فيما دون خمس أواق صدقة" هذا عامٌّ يشمل كل أنواع الزكاة "في أربعين شاةً"، فمعنى هذا أنه ما دون ذلك لا زكاة فيه؛ فلا يضمُّ هذا إلى هذا، لكن لو بلغ نصيب كل منهما القدر الذي تجب فيه الزكاة، فلا مانع من الضمِّ.
ولا يفهم من هذا أن القصد بالشريكين هما الشريكان في مال، وإنما القصد هو مال الخلطة، لكن المال هنا قد يكون مشتركًا فعلًا، وهذا في شركة الأعيان؛ أي: الخلطة بالأعيان التي ذكرنا، كالمال الذي يورث، أو الذي يكون عن هبة، أو عن بيع، أو نحو ذلك.
أما خلط المالين بعضهما مع بعض، مع تميز كل واحد منهما وانفراده بملكه، فهذه الخلطة هي خلطة وصف؛ أي: خلطة أوصاف، وليست خلطة أعيان؛ فلننتبه للفرق بين المسألتين.