للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" (في سائمة الغنم الزكاة) (١) " فألحق البقر بها؛ لأنه لم يرد نص في كونها سائمة أو غير سائمة؛ ولكنَّ المعروف والمشهور أنَّ التي تسوم وترعى في الخارج أكثر، إنما هي الإبل والغنم، فجاء النص فيها.

إذًا الإبل السائمة هي التي تجب فيها الزكاة؛ فإذا بلغت خمسًا، ففيها شاة؛ فإذا بلغت عشرًا، ففيها شاتان؛ إلى خمس عشرة ففيها ثلاث شياة؛ إلى عشرين، أربع شياه؛ إلى أربع وعشرين؛ فإذا بلغت خمسًا وعشرين، تغير الفرض، وأخذ من نوعها، وهذا من لطف اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بعباده، وتخفيفه على أصحاب الأموال؛ لأنه لو أخذ من الإبل الخمس واحدة من نوعها نقصت وتضرر صاحبها، بخلاف لو أخذ من خمس وعشرين واحدة من نوعها؛ فالشريعة لا تلقي شططًا (٢) على المالك، ولا على الفقير، بل


= ومذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٣٥٤) حيث قال: "الشرط الخامس السوم؛ لما مرَّ في خبر أنسٍ من التقييد بسائمة الغنم وقيس بها الإبل والبقر".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" للرحيباني (٢/ ٢٩) حيث قال: "وخرج بالسائمة المعلوفة، فلا زكاة فيها".
(١) أخرجه البخاري (١٤٥٤)، وقال ابن الملقن في "البدر المنير" (٥/ ٤٥٩): "هذا الحديث صحيح" رواه البخاري بمعناه، ولفظه: "وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة. . . " الحديث بطوله كما سلف في الباب قبله من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-. وقد ذكره الرافعي إثر هذا من هذه الطريق. ورواه أبو داود بلفظ: "في سائمة الغنم إذا كانت أربعين ففيها شاة". وفي حديث عمرو بن حزم: "في كل أربعين شاة سائمة شاة". رواه أبو حاتم بن حبان في "صحيحه"، وغيره، وسيأتي بطوله في الديات إن شاء اللَّه تعالى.
قال ابن الصلاح في كلامه على "الوسيط": (هذا الحديث -يعني باللفظ الذي ذكره المصنف- موجود معناه في صحيح البخاري، وأحسب أنَّ قول الفقهاء والأصوليين: "في سائمة الغنم الزكاة" أختصار منهم للمفصل في لفظ الحديث من مقادير الزكاة المختلفة باختلاف النصب).
(٢) الشطط: مجاوزة القدر في كل شيء، يقال: أعطيته ثمنًا لا وكسًا ولا شططًا، وأشط الرجل إشطاطًا " أي: جار في قضيته. انظر: "العين" للخليل بن أحمد الفراهيدي (٦/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>