للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تراعي الجانبين فتؤتي كل ذي حقٍّ حقه، فراعت المالك في القليل فأمرته بالشاة والشاتين وبالأربع شياه، كما راعت الفقير والمسكين حين كثرت الإبل وبلغت خمسًا وعشرين فأعطته بنت مخاض (١) وهي التي بلغت من الإبل سنة ودخلت في الثانية، وسميت (بنت مخاض)؛ لأنَّ أمها حامل؛ فالمخاض في الغالب هو الحمل، قال تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: ٢٣].

ذلك أنَّ الشريعة قامت على أصولٍ وأسس في مقدمتها العدالة التي منها مراعاة حق الغني والفقير، فلم ترهق الغني أكثر مما يستطيع؛ ولم تضيِّع حق الفقير، فجاءت الشريعة وسطًا، وجاءت هذه الأمة وسطا، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣]. فهي شريعة كاملةٌ تامةٌ من لدن حكيم عليم، وهي باقية إلى أن يرث اللَّه الأرض ومن عليها.

* قوله: (فَإِذَا كَانَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ).

إذا صارت الإبل خمسًا وعشرين، فبنت مخاض؛ وهي التي أكملت سنة ودخلت في الثانية؛ وسميت بنت مخاض، نسبة إلى أمها الحامل.

* قوله: (فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ (٢) ذَكَرٌ).

وهذا قد ورد أيضًا في حديث الصدقة؛ أي: إن لم توجد بنت مخاض، فيؤخذ بدلًا عنها ابن لبون ذكر.


(١) يُقال للفصيل إذا لقحت أمه: ابن مخاض، والأنثى: بنت مخاض، وجمعها: بنات مخاض. لا يثنى مخاض ولا يجمع؛ لأنهم إنما يريدون أنها مضافة إلى هذه السن الواحدة. وتدخله الألف واللام للتعريف، فيقال: ابن المخاض، وبنت المخاض. انظر: "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده (٥/ ٥١).
(٢) سمي ابن لبون لأنَّ أمه كانت أرضعته السنة الأولى، ثم كانت من المخاض السنة الثانية، ثم وضعت في الثالثة فصار لها ابن، فهي لبون، وهو ابن لبون، والأنثى ابنة لبون. فلا يزال كذلك السنة الثالثة كلها. انظر: "غريب الحديث" للقاسم بن سلام (٣/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>