للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك يقول: إذا خلع خفيه، غسل قدميه مكانه، وصحت طهارته. وإن أخَّره، استأنف الطهارة؛ لأن الطهارة كانت صحيحة في جميع الأعضاء إلى حين نزع الخفين، أو انقضاء المدة، وإنما بطلت في القدمين خاصة، فإذا غسلهما عقيب النزع، لم تفت الموالاة؛ لقرب غسلهما من الطهارة الصحيحة في بقية الأعضاء، بخلاف ما إذا تراخى غسلهما.

قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ: طَهَارَتُهُ بَاقِيَةٌ حَتَّى يُحْدِثَ حَدَثًا يَنْقُضُ الوُضُوءَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلٌ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا القَوْلِ دَاوُدُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى).

هؤلاء قالوا: لا يتوضأ ولا يغسل قدميه، لأنه أزال الممسوح عليه بعد كمال الطهارة، فأشبه ما لو حلق رأسه بعد المسح عليه، أو قلَّم أظفاره بعد غسلها؛ ولأن النزع ليس بحدث، والطهارة لا تبطل إلا بالحدث.

قوله: (وَقَالَ الحَسَنُ بْنُ حَيٍّ (١): إِذَا نَزَعَ خُفَّيْهِ فَقَدْ بَطَلَتْ طَهَارَتُهُ).

لأن الوضوء بطل في بعض الأعضاء، فبطل في جميعها، كما لو أحدث.

قوله: (وَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ، وَهَذِهِ المَسْأَلَةُ هِيَ مَسْكُوتٌ عَنْهَا. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ المَسْحُ عَلَى الخُفَّيْنِ هُوَ أَصْلٌ بِذَاتِهِ فِي الطَّهَارَةِ، أَوْ بَدَلٌ مِنْ غَسْلِ القَدَمَيْنِ عِنْدَ غَيْبُوبَتِهِمَا فِي الخُفَّيْنِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ أَصْلٌ بِذَاتِهِ، فَالطَّهَارَةُ بَاقِيَةٌ وَإِنْ نَزَعَ الخُفَّيْنِ كَمَنْ قُطِعَتْ رِجْلَاهُ بَعْدَ غَسْلِهِمَا، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١/ ٢٢٣)؛ حيث قال: "وقال الحسن بن حي إذا خلع نعليه أعاد الوضوء من أوله ولم يفرق بين تراخي الغسل وغيره، وقال ابن أبي ليلى وداود: إذا نزع خفيه بعد المسح صلى كما هو وليس عليه غسل رجليه ولا استئناف الوضوء قياسًا على مسح شعر الرأس".

<<  <  ج: ص:  >  >>