للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أن الصاع يساوي مُدَّيْن، والمُد يساوي رطلًا وثلثًا (١)؛ إذن يكون الصاع خمسة أرطال وثلثًا بالبغدادي؛ أي: بالعراقي؛ لأن هذا هو المعروف، وهذا تقريبي لكنه قريبٌ من التحديد.

* وسبب الخلاف هنا: أن من العلماء من جاء بقولٍ متوسط فقال: إن الصاع الذي ورد بأنه يبلغ ثمانية أمداد هو (الصاع) في أحكام الطهارة، وأما الصاع في (الزكاة) فهو خمسةُ أرطالٍ وثُلث، هذا توسط فيه بعض العلماء ليجمعوا بين الأقوال.

* قوله: (وَالجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ مُدَّهُ رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَزِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ بِالبَغْدَادِيِّ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ (٢) حِينَ نَاظَرَهُ مَالِكٌ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ العِرَاقِ لِشَهَادَةِ أَهْلِ المَدِينَةِ بِذَلِكَ).

أهل العراق هم الذين نُقل عنهم، أو نُقل عن -أبي حنيفة (٣) - أن الصاع يساوي ثمانية أمداد، فلما قدم أبو يوسف صاحب أبي حنيفة والتقى بالإمام مالك -إمام دار الهجرة-، وناقشه في موضوع وجوب الزكاة وفي القدر، وبيَّن له الإمام مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- أن الصاع المعروف في المدينة إنما هو يساوي خمسة أرطال وثلثًا، فرجع أبو يوسف إلى هذا القول (٤)؛ لأن الأمر لا يحتاج إلى نقاش، تبيَّن له الحق فرجع.


(١) وهو مذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج"، للهيتمي (٣/ ٢٤٥)؛ حيث قال: "والصاع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث وقدرت بالبغدادي".
ولمذهب الحنابلة يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٤١٤)؛ حيث قال: "لأن الصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي".
(٢) يُنظر: "المبسوط"، للسرخسي (٣/ ٩٠)؛ حيث قال: "وهو ثمانية أرطال في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما اللَّه تعالى وهو قول أبي يوسف -رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى- الأول ثم رجع فقال: خمسة أرطال وثلث رطل. . . ".
(٣) يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (١/ ١٥٨)؛ حيث قال: "وهو ثمانية أرطال؛ أي: بالبغدادي، وهي صاع عراقي، وهو أربعة أمداد، كل مد رطلان، وبه أخذ أبو حنيفة".
(٤) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٢٨٦) عن الحسين بن الوليد، قال: "قدم =

<<  <  ج: ص:  >  >>