للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَأَمَّا المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، وَهِيَ تَقْدِيرُ النِّصَابِ بِالخَرْصِ (١)، وَاعْتِبَارُهُ بِهِ دُونَ الكَيْلِ).

الخرص هو: التخمين والظن؛ قالوا: خرص فلان شيئًا: بمعنى قدَّره ظنًّا وتخمينًا.

والعلماء مختلفون فيها؛ فجمهور العلماء يقولون: بأن الخرص ثابت، وقد جاء ذلك في سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

والحنفية يعارضون في هذا المقام، ويقولون: إن الأدلة التي وردت في ذلك إنما هي أدلةٌ ضعيفة.

ثم يقوَّي الحنفية ما ذهبوا إليه بالتعليل التالي: يقولون: إن الخرص إنما هو ظنٌّ وتخمين؛ والظن والتخمين لا ينبغي أن يُقرَّر عن طريقهما حكم، وإنما الخرص ليكون ذلك رادعًا للأُجْرَاء؛ أي: الحراس الذين يشتغلون، يأتي الخارص فيخرص الثمار عند بُدُوِّ صلاحها حتى لا يُتصرف فيها من الذين يشتغلون في المزارع، فربما تقوم خيانة فيسطون عليها فيأخذوها. قالوا: فقُصد من الخرص من ذلك: إنما هو عدم التعدِّي، وإلا الخرص ظن وتخمين، والظن لا يغني من الحق شيئًا.

أما جمهور العلماء: فإنهم يقولون بالخرص، وقد استدلوا بذلك بعدة أدلة؛ استوفى أكثرها المؤلف، ولم يذكر حديثًا في ذلك، وهو حديث صحيح في قصة المرأة التي كانت تقيم في وادي القرى؛ فإن الرسول خرص عليها حديقتها (٢). وهذا حديثٌ صحيحٌ باتفاق.

أورد المؤلف عدة أدلة منها:

- حديث: "إذا خرَصْتُم فدعوا الثُّلثَ فإن لم تدَعوا الثُّلثَ فدعوا


(١) خرص النخل إذا حزر ما عليها من الرطب تمرًا ومن العنب زبيبًا، فهو من الخرص: الظن؛ لأن الحزر إنما هو تقدير بظن. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر"، لابن الأثير (٢/ ٢٢).
(٢) أخرجه البخاري (١٤٨١)، ومسلم (١٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>