للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن نقول ونكرر: الشريعة بنيت على التيسير، وستجدون أن من العلماء من احتج لمذهبهم في التقييد بالقلتين في مسألة التيسير ورفع المشقة في الشريعة الإسلامية، ليقوى حديث القلتين الذي كثر النزاع الوارد فيه.

إذًا الذي ينفك عنه غالبًا: هي الأمور التي يستطيع الإنسان أن يتخلص عنها، أما الأمور التي يشق التخلص منها فهذه هي التي يقصدها المؤلف، وهذه أمورٌ لا تؤثر علينا وهو يتحدث عن الطاهرات.

قوله: (إِلَّا خِلَافًا شَاذًّا رُوِيَ فِي المَاءِ الآجِنِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ) (١).

ابن سيرين هو تابعي كبير، وله رأيٌ في الماء الآجن، ولا شك أن الماء في عصرنا يتغير، يعني: لو وضع ماؤه في بركة أو في خزان أو في إناء كبير أو في قلة ومضى عليه زمن طويل، لو أن أحدنا وضع ماءً في مكانٍ ما ثم سافر إذا عاد يجده يخضرُّ، لا شكَّ أنه حصلَ تغيرٌ في لونه، لكن هذا التغير لم يحصل بسبب النجاسة، إنما حصل بسبب طول المكث، وهذا قد يحصل في الآبار المعطلة التي تُتْركُ زمنًا طويلًا، يعني: البئر المعطلة قد يحصل فيها الذي يحصل في الخزانات التي تُهجر زمنًا طويلًا، فالعلماء يقولون: كونه تغير بطول مكثٍ لا يخرجه عن كونه ماءً مطلقًا، فهو كغيره من المياه، وهذا القول انفرد به، وهو قولٌ ضعيف، وعامة العلماء يخالفونه في ذلك.

قوله: (وَهُوَ أَيْضًا مَحْجُوجٌ بِتَنَاوُلِ اسْمِ المَاءِ المُطْلَقِ لَهُ).

لا شكَّ أنَّ الماء المطلق لم يستثن منه الماء الآجن، فنحن عندما نقول ماء يدخل فيه الآجن، فهو لا يخرج عن كلمة ماء، لكن عندما نقول: ماءُ الزعفران، أو نقول: النبيذ، يعني: عندما يُؤتى بماءٍ فيُعصر فيه


(١) يُنظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص ٣٤)؛ حيث قال: "وأجمعوا على أن الوضوء بالماء الآجن من غير نجاسة حلَّت فيه جائز، وانفرد ابن سيرين، فقال: لا يجوز".

<<  <  ج: ص:  >  >>