للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمرٌ هذا نُسمِّيه زبيبًا، وسيأتي الكلام في حكم الوضوء بالنبيذ، وخلاف الحنفية في ذلك، لكن الماء الآجنَ هو ماءٌ مطلقٌ تغيَّر بطول مُكثه، يعني مضى عليه زمنٌ فتغير بطول هذه المدة التي مرت عليه.

لكنْ هل هذه المدة التي مرت عليه نقلته من الماء المطلق إلى غيره أم لا؟ الجواب: لا، الصحيح أنه كغيره من المياه.

قوله: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ المَاءَ الَّذِي غَيَّرَتِ النَّجَاسَةُ إِمَّا طَعْمَهُ، أَوْ لَوْنَهُ، أَوْ رِيحَهُ، أَوْ أَكثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذ الأَوْصَافِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِهِ الوُضُوءُ، وَلَا الطُّهُورُ).

في حقيقة الأمر أن العلماء لم يتفقوا، وخلاصة أقوالهم ما يلي:

الماء إذا خالطته نجاسة فلا يخلو من أمرين:

- إمَّا أن تغيِّر أوصافه أو واحدًا منها.

- أو لا تغيرها.

فإن غيَّرت وصفًا أو أكثرَ فالعلماء مجمعون على أنه ماءٌ نجس، وإن لم تغير وصفًا من أوصافه كأن تكون خالطته ثم استحالت به، أي: يعني ذابت ولم يُصبح له أثرٌ فهي لم تغير لونًا ولا طعمًا ولا ريحًا، حتى صار لا يظهر شيءٌ من أثر النجاسة، فهنا يقع الخلاف بين العلماء على أقوالٍ عدَّة، ذكر المؤلف بعضها، وبعضهم أوصلها إلى سبعة أقوال، والمشهور منها ثلاثةٌ، وهي التي سنعرض لها في الغالبِ.

قوله: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ المَاءَ الكَثِيرَ المُسْتبْحِرَ لَا تَضُرُّهُ النَّجَاسَةُ الَّتِي لَمْ تُغَيِّرْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ، وَأَنَّهُ طَاهِرٌ) (١).

لماذا قال: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ المَاءَ الكَثِيرَ المُسْتَبْحِرَ). يعني: بالنسبة


(١) يُنظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص ٣٥)؛ حيث قال: "وأجمعوا على أن الماء الكثير من النيل والبحر، ونحو ذلك إذا وقعت فيه نجاسة، فلم تغير له لونًا ولا طعمًا ولا ريحًا: أنه بحاله، ويتطهر منه".

<<  <  ج: ص:  >  >>