للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزم، وهذا الحديث يتعلق بقصة معاذ عندما أرسله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اليمن؛ فإن معاذًا عرض على أولئك الأقوام أن يعطوه بدل الشعير والذرة ثيابًا؛ أي: عرضًا من عروض التجارة؛ فبيَّن أن ذلك أهون عليهم وأنه خير لأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ومعاذ أرسله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأخذ الزكاة ولغيرها؛ لأن معاذًا ذهب إلى اليمن داعيًا وموجهًا، ولما طلب أن يأخذ الزكاة إذ قال له الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن اللَّه قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم" (١)، وأيضًا يأخذ منهم ما يتعلق بالجزية كما جاء في الحديث: "من كل حالم دينار" (٢) وورد أيضًا أنه يأخذ البدل.

فهذا الأثر يقول الحنفية: فيه دلالة على أنه يجوز للساعي أن يأخذ القيمة بدل العين؛ لأن معاذًا عرض على أولئك الأقوام أن يعطوه بدل الشعير والذرة ثيابًا وأن ذلك أهون عليهم؛ لأنه أيسر لهم وفي نفس الوقت أيضًا خير لأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأنهم بحاجة إليه.

وقالوا أيضًا: أنتم تقولون في عروض التجارة وتوافقوننا بأنها تقوَّم وتخرج القيمة وهي نوع من أنواع الزكاة فلماذا منعتم ذلك في سائر الزكوات؟

أما جمهور العلماء يقولون: إن الزكاة قربة للَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وهي حق من حقوقه، فلا يجوز الانتقال مما فرضه اللَّه تعالى إلى غيره، وتعلمون أن الحقوق أنواع:

- فهناك حق للَّه خاص به -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ألا وهو العبادة له وحده.

- وحق يخص المخلوق في تصرفه في ملكه الخاص.


(١) أخرجه البخاري (١٣٩٥)، ومسلم (١٩).
(٢) أخرجه أبو داود (١٥٧٦)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

<<  <  ج: ص:  >  >>