للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالشافعية: لاحظوا في ذلك ملحظًا جيدًا: وهو تنزيل الفقراء منزلة الشركاء بالنسبة للأغنياء في الزكاة؛ فإذا نزَّلناهم منزلة الشركاء يأخذون من نفس العين لا من نفس القيمة.

* قوله: (وَالحَنَفِيَّةُ (١) تَقُولُ: إِنَّمَا خُصَّتْ بِالذِّكْرِ أَعْيَانُ الأَمْوَالِ تَسْهِيلًا عَلَى أَرْبَابِ الأَمْوَالِ).

يقول الحنفية: خُصت الأعين، حتى يُقصد بذلك التيسير على الملاك بدل أن يذهب ويبيع أشياء ثم يخرج القيمة؛ فهو يعطيه من هذه الشياه فهذا فيه تيسير على الأغنياء.

* قوله: (لِأَنَّ كُلَّ ذِي مَالٍ إِنَّمَا يَسْهُلُ عَلَيْهِ الإِخْرَاجُ مِنْ نَوْعِ المَالِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي بَعْضِ الأَثَرِ: أَنَّهُ جَعَلَ فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الحُلَلِ حُلَلًا (٢) عَلَى مَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الحُدُودِ).

سيأتي الكلام في ذلك كما تكلم المؤلف: لكن نحن الآن نعيش مع أمور وردت فيها نصوص، وهي أمور قُصد بها التقرب إلى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فينبغي أن نقف إلا أن يرد نص صريح فننتقل بعد ذلك إلى ما يقول الحنفية، لكن لا دليل صريح في ذلك، فما أوردوه يحتمل التأويل وقد أجاب عنه الجمهور.


(١) يُنظر: "المبسوط"، للسرخسي (٢/ ١٥٧)؛ حيث قال: "لأن صاحب الشرع اعتبر التيسير على أرباب الأموال، وإنما يتحقق ذلك إذا كان الخيار لصاحب المال".
(٢) أخرجه أبو داود (٤٥٤٢) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: "كانت قيمة الدية على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين، قال: فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فقام خطيبًا فقال: ألا إن الإبل قد غلت، قال: ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفًا، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة، قال: وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية". وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".

<<  <  ج: ص:  >  >>