للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَالنِّصَابُ فِيهَا عَلَى مَذْهَبِهِمْ هُوَ النِّصَابُ فِي العَيْنِ).

كثير من طلاب العلم يرون الزكاة من المسائل الدقيقة، وهي حقيقة أهم ما فيها أن تضبط أصولها؛ فإذا عرفت أصولها تبين لك أن الأمر ليس فيه صعوبة، لكن القضية أننا أصبحنا لا نحاول أن نمعن (١) أفكارنا، وأن نتعمق في دراسة المسائل؛ وإنما بدأنا نحب أن نقرأ المسائل على ما نحن نعيشه اليوم تقريبًا، مسائل يسيرة نضعها في المذكرات، نفر من الكتب القديمة التي فيها عمق وفيها أساليب قوية، وفيها حقيقةً غوص في المعاني؛ فأصبحنا نرى هذه صعبة، والحقيقة أنها ليست بصعبة.

ويقصد بالعين هنا: الذهب والفضة؛ بمعنى: أن هذه العروض تُقوَّم وإذا ما قُومت عُرفت قيمتها ذهبًا وفضة فأُخرجت زكاتها إما ذهبًا أو فضة، وتعلمون الآن أن الأوراق النقدية أحلت محل الذهب والفضة.

* قوله: (إِذْ كَانَتْ هَذِهِ هِيَ قِيَمُ المُتْلَفَاتِ وَرُؤُوسُ الأَمْوَالِ).

هذه قضية وأراد خلالها أن يعيدنا إلى قضية سابقة، كأنه يريد أن يقول: ربما سائل يسأل فيقول: لماذا عروض التجارة تخرجون الزكاة من قيمتها لا من نفس العين؟ أي: تخرجون ذلك من العين التي هي الذهب والفضة لا العين التي هي السلعة الموجودة التي هي رأس مال.

قال: لأن هذه العين التي هي الذهب والفضة هي رؤوس الأموال وهي أيضًا قيم متلفات، فتعلمون أن الناس في هذه الحياة إنما يتنافسون للحصول على الذهب والفضة، لكنهم يختلفون في مسالكهم.

- فهناك من يوفقه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلى الخير، ولا يردع أن يبذل كل جهده في جمع المال، لكن يجمعه من طريق حلال ويؤدي ما أوجب اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليه من حقوق ويتصدق من هذا المال؛ فيكون ذلك قربة يتقرب بها إلى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيجد ثمرة ذلك في الدنيا وثوابه في الآخرة.


(١) أمعن في الطلب إذا بالغ في الاستقصاء. انظر: "المصباح المنير"، للفيومي (٢/ ٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>