للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وآخر يسلك طرقًا ملتوية؛ لا يهمه أن يجمع المال من أي مكان ومن أي طريقٍ كان وفي أي حالةٍ من الأحوال، المهم أن يجمع الذهب والفضة؛ سواء جمعه بطريقٍ حرام أو بطريق حلال، وربما قد يجمعه من حلال لكنه لا يؤدي ما وجب عليه فيه من زكاة، ولا يؤدي نفقة من تلزمه نفقاتهم، وربما يتعالى ويتعاظم بهذا المال، فيكون وبالًا عليه وخسارة؛ قد يظن أنه قد تنعم به في هذه الحياة الدنيا، لكنه سيجد ذلك حسرةً وندامة يوم القيامة، وقد مر بنا قول اللَّه تعالى: {. . . وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥)} [التوبة: ٣٤، ٣٥].

إذن في هذا المال الذهب والفضة تنافس المتنافسون وتسابق المتسابقون وضرب الناس في الأرض بحثًا عن جمع هذا المال، هذا يسافر وهذا يعمل، لكن من وفقه اللَّه إلى جمع المال فيكون فيمن قال فيهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو قيل له: "ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي ويتصدقون بفضول أموالهم" (١) فبيَّن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء.

وما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا! لكن أن يكون المال سببًا في ضلال الإنسان وفي انشغاله عن طاعة اللَّه فهذا لا شك أن المال لا يكون خيرًا له.

* وقوله: (وَكَذَلِكَ الحَوْلُ فِي العُرُوضِ عِنْدَ الَّذِينَ أَوْجَبُوا الزَّكَاةَ فِي العُرُوضِ).


(١) أخرجه البخاري (٨٤٣)، ومسلم (٥٩٥) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، قال: "جاء الفقراء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم؛ يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون. . . " الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>