للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) وكذا في خطبة أبي بكر -رضي اللَّه عنه- عندما تولى بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فخلو الزمان -ولو كان يسيرًا- من إمام للمسلمين يُوجِدُ بلا شك فسادًا عريضًا. فوجود أئمة للمسلمين أمرٌ لازم ومتعين.

وهذا ما فعله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقد أقام أولى دولة في الإسلام، وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- المسؤول الأول عنها.

ولما توفِّي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- التَقى أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أبي بكر -رضي اللَّه عنه-:

(١) والذي قال اللَّه عزَّ وجلَّ عنه: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: ٤٠].

(٢) والذي اختاره -صلى اللَّه عليه وسلم- وقدَّمه في الصلاة (١). فقالوا: كيف يختارك رسول اللَّه لأمر دينِنا، ولا نختارك لأمر دنيانا؟! ثم يرشِّح أبو بكر عمرَ -رضي اللَّه عنه- بعده للخلافة (٢). ولقد أصاب -رضي اللَّه عنه- في ذلك، ثم جعلها عمر -رضي اللَّه عنه- شُورى من بعده (٣). وهكذا مرَّ هذا النسق في البلاد الإسلامية.


(١) لعل المصنف يُشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم (٤٢١) عن سهل بن سعد الساعدي: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذهب إلى بني عمرو بن عوف؛ ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم. قال: فصلى أبو بكر فجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والناس في الصلاة فثخلص حتى وقف في الصف، فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأشار إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن امكث مكانك. فرفع أبو بكر يديه فحمد اللَّه عزَّ وجلَّ على ما أمره به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فصلى، ثم انصرف فقال: "يا أبا بكر، ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ " قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ مَن نابه شيء في صلاته فليسبِّحْ، فإنه إذا سبَّح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء".
(٢) يُنظر: "تاريخ الطبري " (٣/ ٤٢٨)، "البداية والنهاية"، لابن كثير (٩/ ٥٧٤).
(٣) يُنظر: "البداية والنهاية"، لابن كثير (١٠/ ٢٠٨) حيث قال: "كان عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- قد جعل الأمر بعده شورى بين ستة نفر، وهم: عثمان بن عفان، =

<<  <  ج: ص:  >  >>