للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك من يُعطَى من المؤلفة قلوبهم، وهم من المسلمين -كما قلنا- فلذلك لأنه قد تكودن لهم مكانة وهَيْمَنة وعزَّة ومجد في أقوامهم فيُعطَوْن؛ ليتأثر بهم غيرهم من أقوامهم، ويسلك مسلكهم بالدخول في الإسلام والذود عنه. وقد يوجد من المؤمنين من هو ضعيف الإيمان فيُعطى؛ ليقوَى إيمانه.

وقد جاء في الحديث: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أعطى أمثال هؤلاء؛ حيث أعطى أبا سفيان بن حرب -رضي اللَّه عنه-، وأعطى عيينةَ بن حصن، وأعطى الأقرعَ، وأعطى غير هؤلاء (١).

ونعرض الآن للمسألة التي ذكرها المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ هنا، وهي: هلِ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ حَقُّهُمْ بَاقٍ إِلَى الْيَوْمِ، أو أنه قد انتهى؟

نعلم أن الإسلام أول ما بدأ كان أهله ضعفاء، ثم لا زال الإيمان يقوى، حتى انتشر - بحمد للَّه فعمَّ جزيرة العرب، ثم بعد ذلك امتد شرقًا وغربًا، وجنوبًا وشمالًا، وأخذ الناس يدخلون في دين اللَّه أفواجًا.

فحال المسلمين الأوائل في مكة لا يخفى على أحد، ونعلم ما حصل لهم من حرب من أعداء الإسلام، وما كان يحل بهم من أذًى وقرح ونصب من المشركين، إلى أن أَذِن اللَّه عزَّ وجلَّ بالهجرة إلى المدينة.

فأسس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أول دولةٍ إسلامية، في هذه البلدة الطاهرة؛ طيبة الطيبة، فبدأت دولة الإسلام تقوى شوكتها، ويشتد عودها، وأخذ دين اللَّه ينتشر، وأخذ المسلمون يفتحون البلاد، وينشرون دين اللَّه في كل مكان، فقويت شوكةُ هذه الدولة في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. ثم أخذت تقوى أيضًا شيئًا


(١) أخرجه مسلم (١٠٦٠) عن عن رافع بن خديج، قال: أعطى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، كل إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك. فقال عباس بن مرداس:
أتجعل نهبي ونهب العبيد … بين عيينة والأقرع
فما كان بدر ولا حابس … يفوقان مرداس في المجمع
وما كنت دون امرئ منهما … ومن تخفض اليوم لا يرفع
قال: فأتم له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مائة".

<<  <  ج: ص:  >  >>