للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان من نريد تأليف قلبه من المسلمين، فإن هؤلاء قد تكون لهم قوةٌ وشوكةٌ في قومهم، فيُعطَون من الزكاة؛ ليكون حافزًا لهم وترغيبًا لهم في الثبات على الإسلام، وليقتدي بهم نظراؤهم بالدخول في الإسلام والثبات عليه، فلقد ورد في الحديث: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى الزبرقان بن بدرٍ، وأعطى عدِيَّ بنَ حاتمٍ (١). وهما مسلمان؛ وذلك لمكانتهما وشوكتهما في قومهم، فأراد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتأثر بهما غيرُهما من رؤساء القبائل، لعل ذلك ألن يكون دافعًا وحافزًا لهم للدخول في الإسلام.

وقد جاء في الحديث: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما أعطى صفوانَ بن أُميَّة، قال: واللَّه لقد كان محمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- أبغضَ مَن على وجه هذه الأرض إليَّ! فما زال يمنَحُني حتى صار أحبَّ الناسِ إليَّ! (٢).

فالناس صنفان:

الصنف الأول: منهم من تُؤثر فيه الكلمة الطيبة؛ حيث تنفذ إلى قلبه، وتسكن في سُوَيْدائه، فيتأثر بالنصيحة والموعظة، ويُقبل على الخير.

الصنف الثاني: ومنهم من لا تُجْدي معه الكلمة الطيبة نفعًا؛ لما فيه غلظة وقسوة، فلا يُلينه إلا المال، فهذا المال يتألف الإمام به قلوب هؤلاء؛ فلذا أُعطوا من الزكاة؛ لما يُرجى من إعطائهم الخير للإسلام ودفاعهم عنه، أو لدفع شرهم عن المسلمين، أو اتقاء لأذاهم.

وقد كان من سياسة معاوية -رضي اللَّه عنه-: أنه كان إذا رأى إنسانًا يأمر بقطع لسانه (٣). يعني: بالعطايا.


(١) قال الألباني في "إرواء الغليل" (٨٦٦): لم أقف على إسناده.
(٢) أخرجه مسلم (٢٣١٣) عن ابن شهاب، قال: غزا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غزوة الفتح؛ فتح مكة، ثم خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمن معه من المسلمين، فاقتتلوا بحنين، فنصر اللَّه دينه والمسلمين، وأعطى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومئذٍ صفوان بن أمية مائةً من النعم، ثم مائة، ثم مائة. قال ابن شهاب: حدثني سعيد بن المسيب، أن صفوان قال: واللَّه، لقد أعطاني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي.
(٣) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>