للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا منه -صلى اللَّه عليه وسلم- تَبْيِين للحكم في هذه المسألة؛ حيث قال لهما: "إن شئتُما أعطيتكما، وإن شئتُما لم أُعطِكما -وسكت- لكنه لا حظَّ فيها لغنيٍّ، ولا قويٍّ مكتسِب".

وهما قويان يستطيعان العمل في أي عملٍ من الأعمال والكسب ولو بالاحتطاب؛ فنبههما الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى هذا.

وهذا هو الذي يبنغي أن يكون عليه كل إنسانٍ، داعية أو غيره، أن يبيِّن الحكم في وقته للناس.

* قوله: (وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فَهَلِ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ حَقُّهُمْ بَاقٍ إِلَى الْيَوْمِ، أَمْ لَا؟).

المؤلفة قلوبهم ينقسمون إلى قسمين:

القسم الأول: أن يكونوا من المسلمين.

القسم الثاني: أن يكونوا من غير المسلمين.

المراد بالمؤلفة قلوبهم: هم الذي يُعطَوْن من الزكاة؛ تأليفًا لهم للدخول في الإسلام، أو لاتِّقاء شرورهم (١). فهذا الذي يُعطى -كما قلنا- لا يخلو أن يكون مؤمنًا، أو كافرًا؛ فإن كان كافرًا، فيُعطى لأحد سببين:

السبب الأول: ترغيبًا له وحضًّا له على الدخول في الإسلام؛ فيكون هذا رجاء خيرِه ونفعِه للإسلام والمسلمين؛ أو ليدافعَ عن الإسلام والمسلمين.

السبب الثاني: وإما أن يُعطى ليُتقَّى شرَّه ويُدفَع ضرره عن الإسلام والمسلمين.


(١) المؤلفة قلوبهم: قوم من أشراف العرب كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يعطيهم من الصدقات بعضهم؛ دفعًا لأذاه عن المسلمين، وبعضهم طمعًا في إسلامه، وبعضهم تثبيتًا لقرب عهد بالإسلام. فلما ولي أبو بكر -رضي اللَّه عنه- منعهم ذلك، وقال: انقطعت الآن الرشا؛ لكثرة المسلمين. انظر: "المغرب في ترتيب المعرب"، للمطرزي (ص: ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>