للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسؤال: هل نقول -بعد أن ظهر الإسلام، وقوي المسلمون-: لا حاجة لإعطاء صنف المؤلفة قلوبهم من الزكاة؛ فقد قويت الدولة الإسلامية، وانقطع هذا الأمر أو لا؟

نقول: إن العلماء الذين تكلموا في هذه المسألة، سواءٌ كان الإمام أبو حنيفة، أو الإمام مالك، أو الإمام الشافعي، أو الإمام أحمد، كلهم كانوا في وقت قوة الدولة الإسلامية وعزتها. فهل الإسلام بقي في كل مراحله على حالته الأولى؟ لا، بل لقد مر الإسلام بنكبات؛ إما:

(١) من أبنائه الذين خرجوا فرقًا وشيعًا وأحزابًا؛ فأخذوا يضربون في جسم الأمة الإسلامية، حتى تركوا آثارًا سيئة.

(٢) أو من أعداء الإسلام الذين جاؤوا من كل حدبٍ وصوب.

فنحن نجد أن الإسلام يقوى ويضعف، ثم تعود قوته، كما رأينا في عهد صلاح الدين، ثم بعد ذلك دبَّ الضعف، وجاء أيضًا -كما نعلم- التتار وحصل منهم ما حصل، ثم عادت للمسلمين قوتهم عندما عادوا إلى كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ، وإلى سنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونبذوا ما بينهم من خلاف، وحاربوا ما كان مُنتشرًا بينهم من معاصي، فنصرهم اللَّه عزَّ وجلَّ، وعادت لهم العزة، والمجد، فأصبحوا مرةً أُخرى سادة العالم وقادته، وهكذا.


= شهاب الزهري أنه حدث: أن أبا سفيان بن حرب، وأبا جهل بن هشام، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي، حليف بني زهرة، خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو يصلي من الليل في بيته، فأخذ كل رجل منهم مجلسًا يستمع فيه، وكل لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعهم الطريق فتلاوموا، وقال بعضهم لبعض: لا تعودوا، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئًا، ثم انصرفوا. حتى إذا كانت الليلة الثانية، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعهم الطريق، فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة، ثم انصرفوا. حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعهم الطريق، فقال بعضهم لبعض: لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود: فتعاهدوا على ذلك، ثم تفرقوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>