للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالإسلام ودولته لم يبقيا على حالٍ واحد: فهل المؤلفة قلوبهم يُعطَوْن من الزكاة في كل حال؟ أو في حال دون حال؟

لقد أُثر عن عمر -رضي اللَّه عنه- أنه قال: لا نُعطِي على الإسلام شيئًا، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر (١).

ونُقل عن الإمام مالكٍ أنه قال: لا يُعطَى المؤلَّفة اليوم (٢).

أما الإمام أحمد فقد انفرد من بين الأئمة الأربعة، فقال: يُعطى المؤلفة قلوبهم (٣).

نعود مرةً أُخرى لنناقش هذه المسألة مناقشة علمية، ثم نحاول أن نطبق ذلك على عصرنا الحاضر، وكلنا -بحمد اللَّه- يعلم الآن ما يواجهه المسلمون في كثيرٍ من البلاد. نحن في هذه البلاد - كما نرى نعيش في أمن، وفي أمان، وفي رغد، وفي خير، فالإنسان يخرج إلى بيت اللَّه لا يسأل، ويدعو إلى الخير، وإلى الصلاح.


(١) قال الحافظ في "التمييز" (٥/ ٢١٤١): "هذا الأثر لا يعرف. وقد ذكره الغزالي في "الوسيط" وزاد: إنا لا نعطي على الإسلام شيئًا. وذكره أيضًا صاحب "المهذب" وعزاه النووي إلى تخريج البيهقي، وليس فيه إلا قصة الأقرع وعيينة مع أبي بكر وعمر، حين سألا أبا بكر أن يقطع لهما، وفيه تخريق عمر الصحيفة، وقوله لهما: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتألفكما والإسلام يومئذ ذليل، وإن اللَّه قد أعز الإسلام فاذهبا".
(٢) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (٢/ ٣٥٩) حيث قال: "اختلف: هل يعود ذلك السهم إن احتيج إليه، أم لا يعود؟ فرأى مالك: أنه لا يعود. . . ".
(٣) يُنظر: "الإقناع"، للحجاوي (١/ ٢٩٤) حيث قال: "المؤلفة قلوبهم وحكمهم باق وهم رؤساء قومهم؛ من كافر يرجى إسلامه، أو كف شره، ومسلم يرجى بعطيته قوة إيمانه، أو إسلام نظيره، أو نصحه في الجهاد، أو الدفع عن المسلمين، أو كف شر، كالخوارج ونحوهم، أو قوة على جباية الزكاة ممن لا يعطيها إلا أن يخوف ويهدد، كقوم في طرف بلاد الإسلام إذا أعطوا من الزكاة جبوها منه. ويقبل قوله في ضعف إسلامه لا أنه مطاع في قومه إلا ببينة، ولا يحل للمؤلف المسلم ما يأخذه إن أعطي ليكف شره، كالهدية للعامل وإلا حل".

<<  <  ج: ص:  >  >>