للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الْغَنِيُّ الَّذِي لَا تَجُوزُ لَهُ الصَّدَقَةُ: فَإِنَّ الْجُمْهُورَ (١) عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الصَّدَقَةُ لِلْأَغْنِيَاءِ بِأَجْمَعِهِمْ، إِلَّا لِلْخَمْسِ الَّذِينَ نَصَّ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام فِي قَوْلِهِ: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، إِلَّا لِخَمْسَةٍ: لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (٢)).

أما الغازي: فسيأتي الكلام في تفسيره. وأشهر معانيه: ما جاء بعده؛ وهو قوله: "فِي سَبِيلِ اللَّهِ".

* قوله: (أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع"، للكاساني (٢/ ٤٧) حيث قال: "وكما لا يجوز صرف الزكاة إلى الغني لا يجوز صرف جميع الصدقات المفروضة والواجبة إليه، كالعشور والكفارات والنذور وصدقة الفطر؛ لعموم قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠]، وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحل الصدقة لغنيٍّ". ولأن الصدقة مال تمكن فيه الخبث؛ لكونه غسالة الناس؛ لحصول الطهارة لهم به من الذنوب، ولا يجوز الانتفاع بالخبيث إلا عند الحاجة والحاجة للفقير لا للغني".
مذهب المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل"، للحطاب (٢/ ٣٤٧) "ولا تحل الزكاة لغني إلا لخمسة. . .، وأما غير الزكاة من التطوع فجائز للغني والفقير".
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" (٢/ ٤٧٧) حيث قال: "لا مكفي بأب، أو زوج ويدخل) فيه (أرباب صنائع تكفيهم ولا مال لهم)، فيعطون من مال الوقف وإن لم يعطوا من الزكاة. قال السبكي: لأن الاستحقاق ثم بالحاجة لا بالفقر ولا حاجة بهم إلى الزكاة. وهنا باسم الفقر وهو موجود فيهم بدليل خبر: "لا حقَّ فيها -أي الزكاة- لغنيٍّ ولا لقوي يكتسب".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٢٨٥) حيث قال: (ولا يعطى أحد منهم)؛ أي: المذكورين من أصناف الزكاة (مع الغنى)؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ولا تحل الصدقة لغني ولا ذي مرة سوي". رواه أبو داود والترمذي من حديث عمرو بن العاص. والمرة: القوة والشدة، والسوي: المستوي الخلق التام الأعضاء. (إلا أربعة العامل) قال في الشرح والمبدع: بغير خلاف نعلمه".
(٢) أخرجه مالك في الموطأ مرسلًا (١/ ٢٦٨) عن عطاء بن يسار، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل اللَّه، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل له جار مسكين، فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني".

<<  <  ج: ص:  >  >>