للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَوْلٌ إِنَّ النَّجَاسَةَ تُفْسِدُهُ) هذا القول عن مالك.

(وَقَوْلٌ إِنَّهَا لَا تُفْسِدُهُ) وهو القول المشهور عن مالك، وهو الذي علّق عليه أصحابه وأيَّده جمع من العلماء، وهي الرواية الأُخرى للحنابلة، وهي أقوال في مذهب الشافعي، ومن أكابر الشافعية الذين أخذوا بهذا القول الإمام النووي، بل هو من محقّقي علماء الشافعية.

قوله: (وإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ).

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ هُوَ تَعَارُضُ ظَوَاهِرِ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ المُتَقَدِّمَ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ … " (١) الحَدِيثَ، يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِهِ أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ يُنَجِّسُ قَلِيلَ المَاءِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الثَّابِتُ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ قَالَ: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ" (٢)، فَإِنَّهُ يُوهِمُ بِظَاهِرِهِ أَيْضًا أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ يُنَجِّسُ قَلِيلَ المَاءِ، وَكَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ مِنَ النَّهْي عَنِ اغْتِسَالِ الجُنُبِ فِي المَاءِ الدَّائِمِ (٣). وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ الثَّابِتُ: "أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَبَالَ فِيهَا، فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: دَعُوهُ، فَلَمَّا فَرَغَ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِذَنُوبِ مَاءٍ، فَصُبَّ عَلَى بَوْلِهِ " (٤)، فَظَاهِرُهُ أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ لَا يُفْسِدُ قَلِيلَ المَاءِ، إِذْ مَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ المَوْضِعَ


(١) أخرجه البخاري (١٦٢)، ومسلم (٢٣٨).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٩)، ومسلم (٢٨٢).
(٣) أخرج مسلم (٢٨٣): عن أبي هريرة، يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة، قال: "يتناوله تناولًا".
(٤) أخرجه البخاري (٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>