القول الأول دليلهم: حديث بئر بضاعة، وهي بئر تُلقى فيه الكلاب، وفيه الخرق التي فيها دم الحيض، وفيها النتن بمعنى: أن الأوساخ النجسة تُلقى في هذه البئر، ومع ذلك لم نجد أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- استفصل، ولا قال: هل حصل أو يحصل، إنما جاءنا إجماعٌ على أنه إذا تغير الطعم أو اللون أو الريح، معنا هذا، وقال أيضًا: "الماء طهور لا ينجسه شيء"، فلو كان شرط ذلك القلتان لبيَّنه، والعلماء يقولون: تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، والذين سألوا الرسول قالوا: يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة؟ فقال: "الماء طهور لا ينجسه شيء"، وقيل له في السؤال في الرواية الأخرى: إنه يُستقى لك من بئر بضاعة، وهي بئر يلقى فيها كذا وكذا فقال: "الماء طهورٌ لا ينجِّسه شيءٌ"، وهذا هو أقوى دليل للفريق الأول.
وأيضا من أدلتهم إطلاق الماء في الآيات وفي الأحاديث، ومن ذلك قوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}.
وجوابهم عن حديث القلتين كثيرٌ جدًّا سيأتي أثناء المناقشات.
وجوابهم عن حديث: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا" الرواية المتفق عليها، ورواية مسلم: "فلا يغمس يده في الإناء".
من العلماء من يقول: إن العلة هنا غيرُ معقولة المعنى، لأنَّ هذا أمرٌ تعبدي.
(١) أخرجه أبو داود (٦٦)، وقال الأرناؤوط: حديث صحيح بطرقه وشواهده.