للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنهم من يقول: العلة معقولة المعنى؛ لأنَّ الإنسان إذا نام قد تطوف يده في جسمه، وقد يكون نامَ مستجمرًا، ومع العرق يسيل شيءٌ من محل النجو، الذي استنجى فيه وقد تمسه يده، فتكون يده وقعت على نجاسة، ولذلك عليه أن يغسلها، وهذا ما علَّل به الشافعي وبعض العلماء.

لكنَّ هذا الحديث -كما تعلمون- لا يصلح دليلًا للشافعية ولا للحنفية ولا للمالكية، وإن كان المالكية في هذه الرواية يرون أن الماء لا يتأثر، وإنما هو يصلح دليلٌ للحنابلة الذين سبق -أن رأيتم- في رواية أنهم قالوا: إنه لا تدخل اليدان في الماء قبل أن تُغسلا خارج الماء.

إذًا، إما لأنها عبادة معقولة المعنى، وإما لأنَّ النجاسة مظنونة، أي: ليست متيقنة هنا، قالوا: والنجاسة هنا مظنونة فهي غير متيقنة، أي: أن النجاسة مشكوكٌ فيها.

قالوا: فلا نأتي بهذا الحديث فنعارض به الأدلة الصريحة، وهذا الحديث يحتمل أنه غير معقول المعنى، وهناك احتمال آخر: أن النجاسةَ قد تكون مظنونة، وهناك احتمال ثالث: أنه كما ورد في الخياشيم للاستنشاق والاستنثار: "فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ" (١)، فيقول: لا مانع أن يكون التعليل كذلك.

إذًا، هناك ثلاث عِلَل توجه إلى هذا الحديث، قالوا: فلا يعارض به الحديث الصريح في هذا المقام: "الماء طهور لا ينجسه شيء". هذه من أدلتهم.

أما أدلة حديث القلتين ففيه كلامٌ كثير، فهناك كلامٌ في أنَّ سنده مضطرب، وهذا الكلام حقيقةً غير مُسَلّم لأن سنده قد صحّ.

الأمر الآخر، أنه ورد فيه: قلتان، وورد فيه: ثلاث قلال، وهذه محل نزاع مما يُضعّف به الاحتجاج على الشافعية والحنابلة في هذا.


(١) البخاري ح ٣٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>