للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئل: ما الغِنى؟ قال: "خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَوْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ" (١).

إذًا فهذا حد الغنى، لكن ليس معنى هذا أن هذا هو المقدار الذي يُعطى للإنسان. فهل ورد عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نصًّا يدل على أن الفقير يعطَى قدرًا معيَّنا؟ والجواب: لم يرد عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك.

فنخلص إلى أنه ليس هناك حد لذلك.

* قوله: (أَمَّا الْغَارِمُ فَبِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ إِذَا كَانَ دَيْنُهُ فِي طَاعَةٍ).

الغارم هنا هو المدين. وهنا سؤال: قد يأخذ إنسان دَينًا لمصلحة نفسه، وتتجمع عليه الديون، ولا يستطيع أن يدفعها، أو ربما يستطيع أن يدفعها على نجوم -كما عرفنا في المكاتبة- فهذا يأخذ من الزكاة أو لا يأخذ؟ وقد يأخذ إنسان دَينًا لمصلحة غيره: فهذا يأخذ هذا من الزكاة؟ أو لا يأخذ؟

فالغارم له حالتان:

الحالة الأولى: أن يأخذ دَينًا لمصلحة غيره -أي: لإصلاح ذات البين، كما هو ما معروف فقهًا بذلك- إما بين قَبِيلتين، أو بين طائفتين، أو بين شخصين. وهذا عمل جيد، ولا شك أن الإصلاح مقصد من مقاصد هذه الشريعة:

(١) فقد قال اللَّه: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨].

(٢) وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث: "الصلح جائز بين المسلمين، إلا صُلْحًا حرَّم حلالًا، أو حلَّ حرامًا" (٢). فالصلح الذي يُتَوصل به إلى تحريم الحلال، أو إباحة الحرام غير جائز.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه الترمذي (١٣٥٢) عن عمرو بن عوف المزني، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحًا حرَّم حلالًا، أو أحل حرامًا، والمسلمون على شروطهم، إلا شرطًا حرم حلالًا، أو أحل حرامًا". وحسنه الألباني في إرواء الغليل (١٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>