وثانيًا: من ولي الأمر، فينبغي أن يُكافئه على هذا العمل، ولا أقلَّ من أن يرد له ما تحمَّله من أجل هذا الإصلاح، وأن يُعطى مقابل ما دفعه.
ومرتبة الإصلاح هذه مرتبة عالية، لا يقدم عليها إلا من وفقهم اللَّه عزَّ وجلَّ لمِثْل هذه المواقف الكريمة، وبحمد اللَّه تعالى لا يخلو زمن من الأزمان إلا ويوجد أمثال هؤلاء. وكل واحد منا لو قلب صفحات التاريخ، وقرأ أيضًا في هذه الشريعة لوجد نماذج كثيرة من هذه النوع، وهم في عصرنا الحاضر
أيضًا -بحمد اللَّه تعالى- حيث يوجد عدد منهم.
فكم من أناس يسعون في أفعال الخير، فتجد أن أحدهم يتحمل شيئًا؛ ليصلح بين جماعة من أفراد هذا المجتمع.
ونرى -بحمد اللَّه تعالى- الآن أيضًا أناسًا وقفوا أنفسهم لتسديد الديون، أو لجَمْعِها من الأغنياء؛ لتسديدها عن أولئك المعسرين، ويقومون بالإشراف على الجمعيات، ولا يريدون بذلك شهرةً، ولا مغنمًا، ولا مكسبًا، وإنما يمضون أوقاتًا طويلة في خدمة ذلك فلا شك أن هذه أعمال خيِّرة.
وأولئك أيضًا الذين يوفقهم اللَّه عزَّ وجلَّ فيقيمون أعمالًا جليلة، يخدمون بها طلاب العلم والمحتاجين، هؤلاء أيضًا ممن يعملون أعمالًا حسنة، يستحقون عليها الثناء من اللَّه عزَّ وجلَّ، والثناء من الناس؛ لأن "مَن لا يشكر الناسَ لا يشكر اللَّه"(١). فهؤلاء الغارمون هم الذين تحمَّلوا ديونًا؛ ليصلحوا خلافًا وقع في المجتمع، وليسدوا خللًا وقع في بنيان هذه الأمة. فهم بذلك ينالون الثواب، وينبغي أن يعطوا من الزكاة.
الحالة الثانية: أن يأخذ دَينًا لإصلاح نفسه؛ أي: ذاته، فقد يكون هذا الغارم استدان هذا الدَّين؛ لينفق على أهله. فقد تكون له عائلة، ومِن
(١) أخرجه الترمذي (١٩٥٤) وصححه الألباني في صحيح الترغيب (٩٧٣).