للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه مَسْألةٌ فيها خلافٌ بين العلماء: من العلماء مَنْ يرى أن العبد لا يملك شيئًا، ومنهم مَنْ يرى أنه يملك (١)، وسبب الخلاف في ذلك الحديث الصحيح، والذي جاء فيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ بَاع عبدًا له مال، فمالُهُ لسيِّده الذي بَاعه إلا أن يشترطه المبتاع" (٢)؛ أي: المشتري، فإن اشْتَرطه المشتري، فَحِينَئذٍ يكون له. . . مَعْنى هذا أن الأصلَ أن مال العبد لسيِّده، وإذا كان مال العبد في الأصل لسيِّده، فمعنى ذلك أن العبدَ لا يملك (٣)، حتى إنَّ العلماءَ يتكلَّمون فيما لو باع السيد عبده، وعليه ثيابٌ


(١) اختلف الفقهاء في أهلية العبد للملك على أقوال، فذهب الحنفية إلى أنه لا يملك وإنْ ملكه سيده، وللشافعية قولان، الجديد على أنه لا يملك، والمالكية على أنه يملك وإنْ لم يملكه سيده، فإذا نزع سيده المال منه، كان له ذلك، والحنابلة على روايتين، المشهور على أنه لا يملك.
انظر في مَذْهب الحنفية: "التجريد"، للقدوري (٥/ ٢٤٨٥) حيث قال: "قال أصحابنا: العبد لا يملك الأموال وإن ملكه مولاه"، وانظر: "رد المحتار" ابن عابدين (٢/ ٣٥٩).
وانظر في مذهب المالكية: "حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني" (٢/ ٢٣٥) حيث قال: "ومال العبد له إلا أن ينتزعه السيد". وانظر: "المقدمات الممهدات" (٢/ ٣٤٠).
وانظر في مذهب الشافعية: "مغني المحتاج"، للشربيني (٢/ ٥٢٠) حيث قال: " (ولا يَمْلك العبد بتمليك سيده في الأظهر) الجديد؛ لأنه ليس أهلًا للملك؛ لأنه مملوكٌ، فأشبه البهيمة، والثاني وهو القديم: يملك".
وَانظر في مَذْهب الحنابلة: "الروايتين والوجهين"، لأبي يعلى الفراء (١/ ٣٤٣) حيث قال: "في مِلْكِ العبد رِوَايَتَان، إحداهما: يملك، فلا تجب عليه الزكاة؛ لأن ملكه ناقصٌ، ولا على سيِّده لعدم ملكه. والثانية: ألا يملك".
وانظر مشهور المذهب في: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٣٨٨، ٣٨٩) حيث قال: " (ولا يملك رقيق غيره) أي: المكاتب (ولو ملك) من سيده أو غيره؛ لأنه مال، فلا يملك المال كالبهائم، فما جرى فيه صورة تمليكٍ من سيد لعبده، فزكاته على السيد؛ لأنه لم يخرج عن ملكه".
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٧٩)، ومسلم (١٥٤٣) وفيه: "ومن ابتاع عبدًا وله مال، فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع".
(٣) كما سبق بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>