للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكُلَّما كان الإنسان مبسوط اليد، باذلًا للمعروف، منفقًا في سبيل اللَّه، وكلما كان حريصًا على أن تكون نفقته في السر أكثر من العلانية، فاللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لن يضيع أجره، سيحفظ له ذلك في ميزان حسناته، وسيبارك اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- له بمالِهِ الذي عنده.

واللَّه -عزَّ وجلَّ- وَعَد المنفقين في كتابه، فقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: ٢٤٥].

{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢٧١] في صدقة السر.

{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ}، ولا يقف عند هذا الحد {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٦١].

إذًا، هذا هو شأن المُنْفقين في سبيل اللَّه، ولذلك يقول اللَّه في وَصْف عباده المؤمنين المتقين الذين يسارعون إلى فعل الخيرات: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)} [آل عمران: ١٣٣، ١٣٤].

* قوله: (وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ هَذِهِ الزَّكَاةِ الغِنَى عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، وَلَا نِصَابٌ).

جَماهيرُ العلماء وَمنهم الأئمة (١) عدا أبي حنيفة (٢) لا يشترطون الغنى، فهو كَمَا ذكرنا، وهذا هو الرأي الصحيح: مَنْ ملك ما يزيد عن قوتِهِ وقوت عياله الذين تلزمه نفقتهم، فإنه يخرج زكاة الفطر.


(١) سبق ذكره.
(٢) يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ٢٧١) حيث قال: "للحديث: "أغنوهم في هذا اليوم عن المسألة"، والإغناء من غير الغنى لا يكون، والغنى الشرعي مقدر بالنصاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>