للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيته" (١)، فأنتَ مسئولٌ عن هؤلاء، وأنت مسئولٌ عن إيجاب النفقة عليهم؛ لأنهم عيال اللَّه: "النَّاس عيال اللَّه" (٢)، فأنتَ مسئولٌ عن رعاية هؤلاء الناس الَّذين تحت سلطتك، من هنا وَجَب على المكلف -زيادةً على ما يجب عليه نفسه- أن يخرج نفقة هؤلاء، هذا هو الذي يريد أن يُشير إليه المؤلف، أو الذي أومأ إليه.

* قوله: (وَإِنَّمَا اتَّفَقَ الجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الزَّكَاةَ لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ لِمُكَلَّفٍ مُكَلَّفٍ فِي ذَاتِهِ فَقَطْ؛ كَالحَالِ فِي سَائِرِ العِبَادَاتِ) (٣).

"لمُكلَّف" أكدها بـ "مكلف في ذاته"، والأصل أن الإنسان يكلف عن نفسه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)} [المدثر: ٣٨]، لكن هنا أُضيفَت إليك تَكاليفُ أخرى، لماذا؟ لأن هؤلاء تحت سلطتك، وتحت رعايتك، وأنت المسؤول عنهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} [التحريم: ٦].

* قوله: (بَلْ وَمِنْ قِبَلِ غَيْرِهِ لِإِيجَابِهَا عَلَى الصَّغِيرِ وَالعَبِيدِ).

لأنَّ زكاة الفطر تختلف عن غيرها، فالمعروف في العبادات أن الإنسانَ يُؤدِّيها عن نفسه، فهو يُصلَي عن نفسه، لا عن غيره، ويحج عن نفسه، لكن إِنْ حجَّ عن غيره، فليس ذلك بلازمٍ عليه، وكذلك أيضًا الحال في زكاة الأموال، لَكن في زكاة الفطر يختلف الأمر: فإن المكلف الذي يملك قُوتَه وقوتَ مَنْ هم تحت نفقته ليلة العيد ويومه، يلزمه أن يقدم الفطرة عن نفسه، وعمَّن هم تحت نفقته من رقيقٍ ونساءٍ وصغارٍ أيضًا،


(١) أخرجه البخاري (٨٩٣)، ومسلم (١٨٢٩) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.
(٢) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (٥/ ٣٥٦)، وأبو نعيم في "الحلية" (٢/ ١٠٢)، وضَعَّفه الأَلْبَانيُّ في "السلسلة الضعيفة" (١٩٠٠).
(٣) سبق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>