للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما فيه حياتهم واستقامتهم، حياة أبدانهم وحياة أرواحهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤].

فإذا كانت الأبدان تحيا بالماء والطعام؛ لأن البدنَ لا يمكن أن يعيش بدون الماء، فَكَذلك الأرواح لا تعيش بدون الدِّين: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، فَالأَرْضُ التي يُزْرع فيها تحيا بالماء، والخليقة إنما تَحْيا أبدانها بالماء، كذلك أيضًا هذه الأرواح إنما تحيا بهذه الشريعة العظيمة، أما تِلْكم القوانين والشرائع التي من وضع الناس، ومن زُبَد أفكارهم، فهي آراء أناس يدخلها النقص والتعديل والتبديل، ولذلك تتغير، أما شريعة اللَّه فهي باقيةٌ خالدةٌ إلى أن تقوم الساعة؛ لأنها شريعة اللَّه علَّام الغيوب الذي جعلها خاتمة الشرائع: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩].

* قوله: (وَذَلِكَ بَيِّنٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنَّمَا اتَّفَقَ الجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الزَّكَاةَ لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ لِمُكَلَّفٍ مُكَلَّفٍ فِي ذَاتِهِ فَقَطْ كَالحَالِ فِي سَائِرِ العِبَادَاتِ، بَلْ وَمِنْ قِبَلِ غَيْرِهِ).

إذًا، مراد المؤلف هنا أن الأصلَ في المكلف ألَّا يكلَّف إلا بما يخصُّه، فَهَل الإنسان يكلف بالصلاة عن غيره؟ لا، كَذَلك أيضًا صيام رمضان يجب على الإنسان بنفسه، لكنَّه لا يجب عليه بغيره، لكن قضية أن يصوم عن إنسانٍ ميتٍ، أو يحجَّ عن إنسان ميت، فهذا أمر آخر، لكن يَجب على الإنسان في نفسه أن يحج عن نفسه، وأن يصوم عن نفسه، وأن يؤدي الصلاة عن نفسه، ولا يؤديها عن غيره، هذا هو الأصل.

إذًا، الإنْسَانُ في الأصل مكلفٌ أنه يؤدي العبادات عن نفسه، فكيف هنا يُؤدِّيها عن غيره؟ هذا هو الذي أشار إليه المؤلف، هَذَا هو الأصل، نَعمْ نقول هنا: يُؤدِّيها عن غيره؛ لأنَّ هذِهِ زَكاةُ أبدانٍ، وأنت مسؤولٌ عن هذه الأبدان التي وكل اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إليك حفظها ورعايتها، وأرشدك إلى ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>