للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَكَاةَ الفِطْرِ (١). وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢) وَغَيْرُهُ (٣): لَيْسَ فِي عَبِيدِ التِّجَارَةِ صَدَقَةٌ، وَسَبَبُ الخِلَافِ: مُعَارَضَةُ القِيَاسِ لِلْعُمُومِ، وَذَلِكَ أَنَّ عُمُومَ اسمِ العَبْدِ يَقْتَضِي وُجُوبَ الزَّكاةِ فِي عَبِيدِ التِّجَارَةِ وَغَيْرِهِمْ).

يعني كلمة "العبد" التي وردت في الحديث: "على الحر والعبد"، لم تُفرِّق بين عبيد التجارة وبين غيرهم، فجمعت وأطلقت، ولو كان هناك فرق بائن لبينه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن تأخيرَ البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، لكنَّه لم يبين ذلك، فبقي الحكم على أصلِهِ، وهو عدَم التفريق بين النوعين.

* قوله: (وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ هَذَا العُمُومَ مُخَصَّصٌ بِالقِيَاسِ، وَذَلِكَ هُوَ اجْتِمَاعُ زَكَاتَيْنِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ (٤)).

يَعْني: وُجُودها في شخصٍ واحدٍ، أو في مالٍ واحدٍ لا يمنع؛ لأنَّ ذَلكَ لو كان ممنوعًا، لبيَّنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو قيده ما لم يكن للتجارة.

* قوله: (وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي عَبِيدِ العَبِيدِ).

يَعْني: عبيد العبيد، من يخرج زكاتهم؟ وهل تجب زكاتهم على العبد نفسه الذي يملكهم؟ هذه أيضًا مرتبطة بمسألة: هل يملك العبد أو لا يملك؟ لأنه إذا قيل بأن العبد يملك، يعني: يكون له عبيد وغير عبيد. وعلى القول بأنه لا يملك يكون هو وعبيده تبعًا لسيده، فهل تجب الزكاة على السيد؟

الجَوَابُ: نَعَمْ، على قول مَنْ يقول بأن العبد لا يملك، تجب الزكاة


(١) سبق ذكره.
(٢) سبق ذكره.
(٣) يُنظر: "الإشراف" لابن المنذر (٣/ ٦٣) حيث قال: "وفي قول عطاء بن أبي رباح، والنخعي، والثوري، وأصحاب الرأي: ليس على السيد فيهم زكاة الفطر".
(٤) يُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٢/ ٣٦٢) حيث قال: "قوله: "وعبده لخدمته"؛ احتراز عن عبد التجارة، فإنها لا تجب كَيْ لا يؤدي إلى الثنى. زيلعي: أي تعدد الوجوب المالي في مال واحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>