للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عمرو بن شرحبيل، وكذلك أيضًا عن عمرو بن ميمون، ولعلَّه أيضًا نُقِلَ عن غَيْرهم (١) أنَّهم قيدوا ذلك بأن يكون هذا عابدًا، بمعنى: مُتَفرغ للعبادة، وَإِنْ كانت هذه العبادة غير صَحِيحةٍ، لكنه غير مُشْتغلٍ، فَهو فِي حَاجَةٍ، وَعَلى هؤلاء أن يُسَاعدوه، أمَّا الحنفية فلم يُقيِّدوا ذلك، بَلْ أَطْلَقوه.

وَالَّذين قالوا: يُعْطى لهؤلاء، قالوا: وَالإسلامُ اشْتمَل على السَّماحة والتيسير، وهو يتعامل مع الآخرين من هذا المُنْطلق، وهذا الهَدف، فلا مانع أن يُعطوا أهل الذمة الذين ليس فيهم أذًى للمؤمنين، يُعْطَون من هذه الزكاة.

* قوله: (وَأَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ زَكَاةَ الأَمْوَالِ لَا تَجُوزُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ" (٢)).

هَذَا إجماعٌ من العلماء كما ذكرَ المؤلف بدليل ما جَاءَ فِي حديث معاذٍ عندما بعثه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اليمن قال: "إنَّك سَتَأتي قومًا أهل كِتَابٍ، فَلْيكن أوَّل ما تَدْعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأنِّي رسول اللَّه"، ثم ذكر الصلاة، ثم قال: "فَإِنْ هم أطاعوك لذلك، فأَخْبرهم أن اللَّه قد افترض عليهم صَدقةً تؤخذ من أغنيائهم، فتُرد في فقرائهم"، وهو حَديثٌ متفقٌ عليه (٣).

* * *


(١) يُنظر: "الإشراف" لابن المنذر (٣/ ٨١) حيث قال: "وقد روينا عن عمرو بن ميمون، وعمرو بن شرحبيل، ومُرَّة الهمذاني أنهم كانوا يعطون منها الرهبان".
(٢) يُنظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص ٤٨) حيث قال: "وأَجْمَعوا على أن الذمي لا يُعْطى من زكاة الأموال شيئًا".
(٣) أخرجه البخاري (١٤٥٨)، ومسلم (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>