للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٣]. وَأَمَّا السُّنَّةُ، فَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ"، وَذَكَرَ فِيهَا الصَّوْمَ. وَقَوْلِهِ لِلأَعْرَابِيِّ: "وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ"، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، وَكَان فَرْضُ الصَّوْمِ لِشَهْرِ رَمضَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الهِجْرَةِ).

وهذا الأعرابيُّ مرَّ بنا ذكره في أحكام الصلاة، وفي الزكاة؛ لأنه سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: مَاذا فَرَض اللَّه عليَّ من الصيام؟ قال له -صلى اللَّه عليه وسلم-: "شهر رمضان"، قال الأعرابيُّ: هل عليَّ غيره؟ قال: "لا، إلا أن تَطَّوَّع"، فلما انصرف الرجل عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أفلحَ إِنْ صَدَق" (١)، يعني: إن التزم الرجل بما أنه لا يزيد، ولا ينقص، فإنه وَفَّى، لكن ليس معنى هذا أن الإنسان لا يتقرب إلى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالسُّنن والنوافل، بل هذا أمرٌ مرغبٌ فيه.

* قوله: (وَأَمَّا الإِجْمَاعُ (٢): فَاِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ إِلَيْنَا خِلَافٌ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ).

والمُؤلِّف تكلَّم عن الصيام، لكنه لم يُعرِّفه، وينبغي علينا أن نعرف ما معنى الصيام في اللُّغة والشرع؟

الصِّيام في اللُّغة: هُوَ الإمساكُ، ومعناه اللُّغوي له اتصالٌ بالمعنى الشرعي، فالصيام في اللُّغة إنما هو الإمساك، هذا هو معناه العام؛ ولذلك يَقُولُ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حكايةً عن مريم عليها السلام: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦]؛ أي: نذرت للرحمن صمتًا عن الكلام، فُسِّر بقوله: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦].


(١) سبق تخريجه.
(٢) تقدَّم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>