للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك قول النابغة الذبياني أيضًا (١):

خيلٌ صيامٌ وخيلٌ غير صائمةٍ … تحت العجاج وأُخرى تعلك اللُّجُما

"خَيل صيامٌ": يعني خيلٌ ممسكةٌ عن الصهيل، و"خيلٌ غير صائمةٍ"، أي: أصواتها مرتفعة؛ لأنَّ أصوات الخيل إنما يُعْرف بالصهيل.

ثمَّ قَالَ: "تحت العجاج"، يَعْني: أنَّ هَذِهِ الخيلَ من أَجل الأُمور التي كانت تُسْتخدَم في الحُرُوب، وإذا قامت الحرب صار "العجاج" أي: الغبار، تحت العجاج "وأُخرى"؛ أي: أُخرى من هذه الخيل، "تعلك"، يعني: تمضغ (اللُّجُما)؛ أي: اللجام الذي يُوضَع في فمها أي: تُلجَم به.

إذن، نَتبيَّن من هذا أن الصِّيامَ في اللُّغة إنما هو الإمساك، هَذَا هو معناه، يُقَال: فلانٌ صائمٌ عن الكلام، يعني: ممسكٌ عنه.

وَأمَّا في المصطلح الشرعي: فهو إمساكٌ مخصوصٌ في وقتٍ مخصوصٍ عن شيءٍ مخصوصٍ، فالإنسان يُمْسك في شهر رمضان من طلوع الفجر الصادق إلى غُرُوب الشمس، ويُمْسك عن أشياء مخصوصة، إذًا هذا هو معنى الصيام (٢)، هذه الأشياء المخصوصة هي التي ستتبين لنا أثناء الحديث عن مسائل هذا الكتاب.

* قوله: (وَأَمَّا عَلَى مَنْ يَجِبُ وُجُوبًا غَيْرَ مُخَيِّرٍ، فَهُوَ البَالِغُ العَاقِلُ الحَاضِرُ الصَّحِيحُ) (٣).

"وَأَمَّا عَلَى مَنْ يَجِبُ وُجُوبًا غَيْرَ مُخَيِّرٍ"، يعني: وجوبًا لازمًا.


(١) البيت من البسيط للنابغة الذبياني، وهو في "ديوانه" (ص ١١٥).
(٢) يُنظر: "التنبيهات المستنبطة" للقاضي عياض (١/ ٣٠٠) حيث قال: "إمساك مخصوص عن أفعال مخصوصة في أوقات مخصوصة".
(٣) يُنظر: "مراتب الإجماع" لابن حزم (ص ٣٩) حيث قال: "اتفقوا على أن صيام نهار رمضان على الصحيح المقيم العاقل البالغ".

<<  <  ج: ص:  >  >>