للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "يَا بِلَالُ، أَذِّنْ فِي النَّاسِ، فَلْيَصُومُوا غَدًا"، خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ).

أيضًا هناك أثر عبد اللَّه بن عمر، ويبدو أن المؤلف لم يعرض له؛ فقد روى أبو داود بإسناد صحيح أنه قال: "تراءى الناس الهلال زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو تراءى الناس الهلال ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيننا، فقلت: يا رسول اللَّه، إني رأيت الهلال. فصام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأمر الناس أن يصوموا".

إذن؛ هذا فيه حد على أنه إذا كان في نهاية الشهر فعلى المؤمنين أن يحتسبوا وأن يتحروا وأن يسعوا في معرفة الهلال، فهذا عبد اللَّه بن عمر أحد الذين تراؤوا الهلال، أخبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه رآه. وهو -رضي اللَّه عنه- صحابي جليل، والصحابة كلهم عدول وكلهم ثقات (١)، فقبل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- روايته وحده، قال: فصام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وصام الناس.

وفي حديث ابن عباس الذي رواه أصحاب السنن (٢) وغيرهم (٣): أن أعرابيًّا جاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، إني شهدت الليلة الهلالَ، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتشهد أن لا إله إلا اللَّه وأني عبد اللَّه ورسوله؟ " قال: نعم، قال: "يا بلال، فأذن فليصم الناس غدًا".

إذن؛ جاء أعرابي لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والرسول لا يعرفه. وكثير ما يقول رسول اللَّه: "وأني عبد اللَّه ورسوله"، وهذه مكانة عظيمة شرفه اللَّه بها:


(١) يُنظر: "اختصار علوم الحديث"، لابن كثير (ص ١٨١)؛ حيث قال: "والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة، لما أثنى اللَّه عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم، وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، رغبة فيما عند اللَّه من الثواب الجزيل، والجزاء الجميل". وانظر: "تدريب الراوي"، للسيوطي (٢/ ٦٧٥).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٣٤٠)، والترمذي (٦٩١)، والنسائي (٢١١٣)، وابن ماجه (١٦٥٢)، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٩٠٧).
(٣) أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (٤/ ٤٠٧)، وابن خزيمة (٣/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>