للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذاك نص في خروجه، ومن هنا فرَّقَ الشافعية والحنابلة بينهما.

* قوله: (وَذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الأَمْرَيْنِ جَمِيعًا).

فأبو ثور يرى أنه ما دام أن الرسول رأى ثبوت الشهر ودخوله بشهادة عدل، وأنه يخرج منه بشهادة اثنين، فهذا لا يدل على لزوم ذلك الأمر، بمعنى: أنه لا بدَّ من إثبات الخروج بشهادة اثنين والاقتصار في الدخول على واحد.

* قوله: (لَا أَنَّ ذَلِكَ تَعَارُضٌ، وَلَا أَنَّ القَضَاءَ الأَوَّلَ مُخْتَصٌّ بِالصَّوْمِ، وَالثَّانِيَ بِالفِطْرِ).

لكنَّ الواقع يخالف ذلك؛ فالأول نص في الصيام وفي دخول الشهر، ويظهر هذا جليًّا في قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قم يا بلال فنادي فليصم الناس غدًا"، فهذا الكلام أثبت المقصود؛ لأن الحديث في أوَّله لم ينص على رؤية الهلال في الدخول أو الخروج.

* قوله: (فَإِنَّ القَوْلَ بِهَذَا إِنَّمَا يَنْبَنِي عَلَى تَوَهُّمِ التَّعَارُضِ، وَكَذَلِكَ يُشْبِهُ أَلَّا يَكُونَ تَعَارُضٌ بَيْنَ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، وَبَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا بِدَلِيلِ الخِطَابِ).

والمؤلف إنما عبَّر بقوله: (يُشْبه)؛ أي: يُحْتمل، ولم يقل: (لا تعارض)؛ لأنه لا تعارض بينهما عند التحقيق والنظر.

ودليل الخطاب يُعرفُ عندنا بمفهوم المُخالفة (١)؛ فحديث عبد اللَّه بن عباس نص على الاكتفاء بشهادة عدل في دخول رمضان، وحديث عبد الرحمن بن زيد أطلق: "فإن شهد شاهدان عدلان فصوموا وأفطروا"،


(١) يُنظر: "الإحكام في أصول الأحكام"، للآمدي (٣/ ٦٩)؛ حيث قال: "مفهوم المخالفة فهو ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت مخالفًا لمدلوله في محل النطق، ويُسمَّى دليل الخطاب أيضًا". وانظر: "المستصفى"، للغزالي (ص ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>