للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقوق الآخرين، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "من اقتطع شبرًا من الأرض ظلمًا، طوَّقه اللَّه إياه يوم القيامة من سبع أرضين" (١).

وهذه مسائل كثيرة جدًّا، فالشريعة الإسلامية وضعت ضوابط يسير عليها المسلمون في أحكامهم وفي معاملاتهم لتضبط لهم حقوقهم وتحافظ على هذه الحقوق.

فوضع شاهدين، لكن لم يزد في الشهادة على اثنين؛ لأن تحقيق ذلك أمر صعب؛ لأنه لكي تطلب شهودًا ثلاثة أو أربعة قد لا يستطيع الإنسان أن يثبت ذلك، وربما يضيع حقه، لكن لما كانت بعض الأحكام تتطلب صيانة نفوس المؤمنين والمحافظة على أعراضهم كما في الزنا، طلب في ذلك شهودًا أربعة؛ ولذلك تكلم العلماء على الضروريات الخمس (٢) وما شرع لها (٣).

إذن فالتعليل الذي ذكره المؤلف تعليل وجيه.


(١) أخرجه مسلم (١٦١٠).
(٢) الضرورات: هي المصالح التي تتضمن حفظ مقصودٍ من المقاصد الخمسة: الدَّين، النفس، العقل، النسب، المال. انظر: "المحصول"، للرازي (٥/ ١٥٩ - ١٦٠).
وعرفها الشاطبي بأنها: "ما لا بدَّ منها في قيام مصالح الدَّين والدنيا بحيث إذا فُقِدت لم تَجْرِ مصالح الدنيا على استقامةٍ، بل على فسادٍ وتهارج وفوت حياةٍ، وفي الأخرى: فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين". انظر: "الموافقات" (٢/ ١٧ - ١٨).
(٣) يُنظر: "المحصول"، للرازي (٥/ ١٦٠)؛ حيث قال:
"أما النفس: فهي محفوظة بشرع القصاص، وقد نبَّه اللَّه تعالى عليه بقوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}.
وأما المال: فهو محفوظ بشرع الضمانات والحدود.
وأما النسب: فهو محفوظ بشرع الزواجر عن الزنا؛ لأن المزاحمة على الأبضاع تفضي إلى اختلاط الأنساب المفضي إلى انقطاع التعهد عن الأولاد، وفيه التوثب على الفروج بالتعدي والتغلب، وهو مجلبة الفساد والتقاتل.
وأما الدين: فهو محفوظ بشرع الزواجر عن الردة والمقاتلة مع أهل الحرب، وقد نبَّه اللَّه تعالى عليه بقوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ}.
وأما العقل: فهو محفوظ بتحريم المسكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>