للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنفوس تختلف، فهناك نفوس مريضة وهناك نفوس ضعيفة إذا رأت المال ضعفت، وربما يستهويها الشيطان، فما المانع أن ترتكب المحرم وأن تأخذ المحرم، وأمامك سنوات طويلة وعمر طويل، وبإمكانك أن تتوب إلى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى واللَّه يقول: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ} [طه: ٨٢]، لكن ينسى مثل هذا المسكين أن جسمه قد نبت على حرام.

وأيضًا في ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الرجل الذي يرفع يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟! (١).

إذن؛ هنا وضعت الحقوق لأن الناس ليسوا كلهم على خير، ليس كل الناس يخافون اللَّه، وإذا كانت المعاصي وُجدت في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي القرون المفضلة، أفلا توجد بعد ذلك قبل عصرنا وفي عصرنا؟! فهناك أناس يحتالون على الناس، وهناك أناس يأكلون أموال الناس، وهناك أناس يشهدون شهادات باطلة، وهناك مَن يتعدى على


= مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الصغير"، للدردير (٤/ ١٩٢)؛ حيث قال: " (و) حرم عليه (قبول هدية): من أحد من الناس، إلا أن يكون ممن يهاديه قبل توليته القضاء لقرابة أو صحبة أو صلة".
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب"، لزكريا الأنصاري (٤/ ٣٠٠)؛ حيث قال: " (ويحرم) عليه ولو في غير محل ولايته (هدية من له خصومة في الحال) عنده، ولو عهدت منه قبل القضاء لخبر "هدايا العمال غلول". رواه البيهقي بإسناد حسن وروي: "هدايا العمال سحت". وروي: "هدايا السلطان سحت"، ولأنها تدعو إلى الميل إليه وينكسر بها قلب خصمه".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٦/ ٣١٧)؛ حيث قال: " (وظاهره) أنه يحرم على القاضي قبوله الهدية (ولو كان) القاضي (في غير عمله) لعموم الخبر، (إلا ممن وإن يهدي إليه قبل ولايته إن لم يكن له)؛ أي: المهدي (حكومة)؛ لأن التهمة منتفية لأن المنع إنما يكون من أجل الاستمالة أو من أجل الحكومة وكلاهما منتفٍ (أو) كانت الهدية (من ذوي رحم محرم منه)؛ أي: من الحاكم (لأنه لا يصح أن يحكم له) ".
(١) أخرجه مسلم (١٠١٥) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>