للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالكذب من أضر الأُمور؛ ولذلك فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما" (١). فالصدق لا شك أنه فضيلة، واللَّه أثنى في كتابه على الصادقين وامتدحهم، وكذلك نجد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيَّن ما له من مزايا وما له من الفضل والمكانة في هذه الدنيا وفي الآخرة.

* قوله: (وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الشَّافِعِيُّ (٢) إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ هِلَالِ الفِطْرِ وَهِلَالِ الصَّوْمِ لِلتُّهْمَةِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلنَّاسِ فِي هِلَالِ الفِطْرِ، وَلَا تَعْرِضُ فِي هِلَالِ الصَّوْمِ).

التهمة لا تثبت في دخول الشهر وتثبت في خروجه؛ لأن الشهر سيدخل سواء في هذه الليلة أو بعدها، لكنْ في خروج الشهر ربما يخرج الفساقُ الذين لا يعنون بالصيام وربما يتساهلون به، فيقول أحدُهم: الشهر خرج، حتى يفطر الناس، وهو لا يهمه ما يترتب عليه من الإثم. وهذا تحليل يذكره بعض الفقهاء.

* قوله: (وَمَذْهَبُ أَبِي بَكْرِ ابْنِ المُنْذِرِ هُوَ مَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ، وَأَحْسَبُهُ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ) (٣).

وهذا وَهْمٌ من المؤلف -رَحِمَهُ اللَّهُ-؛ لأن هذا ليس مذهب ابن المنذر، ولكن ابن المنذر له عدة كتب: منها كتابه "الإجماع"، ومنها "الإشراف"،


= ابن السبيل، ورجل بايع رجلًا بسلعة بعد العصر فحلف له باللَّه لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو على غير ذلك، ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى، وإن لم بعطه منها لم يفِ".
(١) أخرجه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢).
(٢) يُنظر: "الأم"، للشافعي (٢/ ١٠٤)؛ حيث قال: "إذا رأى الرجل هلال رمضان وحده يصوم لا يسعه غير ذلك، وإن رأى هلال شوال فيفطر إلا أن يدخله شك أو يخاف أن يتهم على الاستخفاف بالصوم".
(٣) يُنظر: "المحلى بالآثار"، لابن حزم (٤/ ٣٧٨)؛ حيث قال: "وقد روينا أيضًا عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- مثل هذا؛ وبه يقول أبو ثور".

<<  <  ج: ص:  >  >>