للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتابه "الأوسط"، وهي كتب من أجل الكتب، وهي مرجع لأكابر العلماء، وصاحب المغني يرجع إليها كثيرًا، وكذلك النووي وغير هؤلاء، وهذه الكتب في الحقيقة لا تقتصر على أقوال الفقهاء، وإنما تُعْتبر إلى جانب ذلك كُتُبَ حديثٍ وأثر، وبخاصة كتابه: "الإشراف على مذاهب العلماء"، وكذلك كتابه "الأوسط".

ابن المنذر حكى الأقوال في هذه المسألة، وحكى قول أبي ثور، فلا يلزم من كونه حكى رأيًا لأبي ثورٍ أن يكون هذا هو رأيه، وأنه يُرجِّحُ هذا الرأي، وإنَّما يكون هذا رأيه عندما يُرجحه ويقول: آخذ به.

فابن المنذر حكى رأي الجمهور، ورأي مالك، وحكى رأي أبي ثور، لكنه لم يقل بقوله، ولذلك فإن الإمام النووي -كما هو معلوم- أوثق من صاحب هذا الكتاب وأعلم بابن المنذر؛ لأنه يعتبر من علماء الشافعية وهو من المحققين في هذا المجال ومن المحدثين، ولم يذكر أنَّ مذهب ابن المنذر هو مذهب أبي ثور.

* قوله: (وأحسبه هو مذهب أهل الظاهر) وهذه حقيقة.

* قوله: (وَقَدِ احْتَجَّ أَبُو بَكْرِ ابْنُ المُنْذِرِ لِهَذَا الحَدِيثِ بِانْعِقَادِ الإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ الفِطْرِ وَالإِمْسَاكِ عَنِ الأَكْلِ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ كَذَلِكَ فِي دُخُولِ الشَّهْرِ وَخُرُوجِهِ).

وهنا إلحاق شيء بشيء، فابن المنذر (١) يقول: لو جاءك شخص فأخبرك بأن الفجر قد طلع، فحينئذ تمسك عن الأكل والشرب والجماع؛ لأنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧]، ولو جاءك شخص وأخبرك بأنَّ الشمس قد غربت، فأفطر يا فلان، تصدقه؛ لأن الأصل في


(١) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>