للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (قَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ).

وابن عباس قد رفع ما يدور في ذهن كريب؛ لأن كريبًا يقول: ما دام قد رأى الناسُ الهلالَ ومعاوية وقد رأيتُه أنا، أفلا ينبغي أن تأخذ بهذه الرؤية؟ كأنه يقول ذلك، ولذلك أجابه عبد اللَّه بن عباس بما يدل على أنه فهم منه ذلك.

إذن ما دمنا لم نره إلا ليلة السبت، فينبغي أن نبقى على صيامنا حتى نرى هلال شوال، فإن لم نر هلال شوال فينبغي أن نتم عدة رمضان ثلاثين يومًا، وبيَّن سبب ذلك فقال: كما أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

* قوله: (فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ: لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ).

ولا بد أن نلتفت هنا إلى أدب الخطاب! فكريب عندما قال له: "ألا تكتفي برؤية معاوية والناس معه"، فيردُّ عليه عبد اللَّه بن عباس الذي دعا له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "اللهم فقهه في الدِّين وعلِّمه التأويل" (١)، ووصفه بأنه حَبْر هذه الأمة، ويقول: هكذا أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه تعالى يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]. إذن نحن ننزل عند أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد رأينا دخوله بعدكم فننتظر حتى نرى أو نكمل العدة.

* قوله: (فَظَاهِرُ هَذَا الأَثَرِ يَقْتَضِي أَنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُ، قَرُبَ أَوْ بَعُدَ).


(١) أخرجه البخاري (١٤٣)، ومسلم (٢٤٧٧) عن ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل الخلاء فوضعت له وضوءًا قال: "من وضع هذا؟ " فأخبر؛ فقال: "اللهم فقهه في الدِّين".
واللفظ الذي ذكره الشارح أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٣٩٧)، وقال الأرناؤوط: "إسناده قوي على شرط مسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>