للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم" (١)، وفي رواية: "حتى ينادي ابن أم مكتوم" (٢)، وله روايات متعددة سيعرض المؤلف لبعضها.

والفجر الصادق هو الذي ينطبق عليه قول اللَّه تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر}، والمراد بالخيط الأبيض من الخيط الأسود: هو سواد الليل مع بياض النهار (٣).

ولذلك جاء في الحديث المتفق عليه وهو حديث عدي بن حاتم الذي أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحهما" (٤) وغيرهما، أنه لما نزلت هذه الآية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}، قلتُ والقائل هو عدي بن حاتم-: يا رسول اللَّه، إني أجعل عقالين تحت وسادتي -التي ينام عليها-، فإذا رأيت بياضًا؛ يعني: إذا تبين لي بياض أمسكت عن الصيام، فقال له الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن وسادك لعريض" (٥)؛ أي: إن نومك لكثير، أو: إن ليلك لطويل؛ لأن الإنسان إذا أراد أن يضع خيطًا أبيض وأسود، وينتظر حتى يتبينهما هذا يحتاج أن يسفر الضوء لكي يراهما وبذلك يكون ليله طويلًا، فكأن في هذا نوعًا من النقد.


(١) أخرجه البخاري (٦٢٢)، ومسلم (١٠٩٢/ ٣٨).
(٢) أخرجه البخاري (٦١٧).
(٣) الخيط الأبيض من الخيط الأسود: يريد بياض النهار وسواد الليل. انظر: "النهاية"، لابن الأثير (٢/ ٩٢).
(٤) أخرجه البخاري (٤٥٠٩)، ومسلم (١٠٩٠/ ٣٣) عن عدي بن حاتم -رضي اللَّه عنه-، قال: لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر} من الفجر قال له عدي بن حاتم: يا رسول اللَّه، إني أجعل تحت وسادتي عقالين: عقالًا أبيض وعقالًا أسود، أعرف الليل من النهار، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن وسادك لعريض، إنما هو سواد الليل وبياض النهار".
(٥) قوله: "إن وسادك إذن لعريض" معناه: أن نومك إذن لطويل كنى بالوساد عن النوم؛ لأن النائم يتوسده. انظر: "غريب الحديث"، للخطابي (١/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>