للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى آخر الحديث، والذي بيَّن فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن عليه أن يعتق رقبة، فقال: لا أجد، فأمره أن يصوم شهرين متتابعين، فقال: لا أستطيع، فأمره أيضًا أن يطعم ستين مسكينًا، فقال: لا أجد، ثم جيء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكتلٍ فيه تمر فأراد الرسول أن يتصدَّق به إلى أن قال: واللَّه ما بين لابتي -يعني: بين الحرتين- في المدينة رجلًا أفقر مني، فدفعه الرسول إليه (١).

ومعنى هذا: أن الإنسان إذا عجز تسقط عنه الكفارة (٢)، لكن هذه الكفارة على الترتيب وليست على التخيير (٣)، وسيأتي الكلام عنها إن شاء اللَّه.


(١) أخرجه مسلم (١١١١) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: هلكت، يا رسول اللَّه، قال: "وما أهلكك؟ "، قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: "هل تجد ما تعتق رقبة؟ " قال: لا، قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ "، قال: لا، قال: "فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا؟ "، قال: لا، قال: ثم جلس، فأتي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعرق فيه تمر، فقال: "تصدَّق بهذا" قال: أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا، فضحك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى بدت أنيابه، ثم قال: "اذهب فأطعمه أهلك".
(٢) يُنظر: "الأشباه والنظائر"، للسيوطي (ص ٣٣٤)؛ حيث قال: "ما ثبت في الذمة بالإعسار، وما لا يثبت قال في "شرح المهذب": الحقوق المالية الواجبة للَّه تعالى ثلاثة أضرب: ضرب يجب لا بسبب مباشرة من العبد: كزكاة الفطر، فإذا عجز عنه وقت الوجوب لم يثبت في ذمته، فلو أيسر بعد ذلك لم يجب".
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "تبيين الحقائق"، للزيلعي (١/ ٣٢٧)، حيث قال: " (قوله في المتن: ومن جامع أو جومع إلى آخره) وفي "جوامع الفقه": امرأتان تساحقتا فإن أنزلتا فعليهما القضاء دون الكفارة، وإن لم تنزلا فلا قضاء عليهما. انتهى "غاية". ولا غسل عليهما كذا في "الفتاوى الظهيرية". انتهى "دراية". (قوله: أو أكل وشرب عمدًا)؛ يعني: في صوم رمضان. اهـ. "غاية". وفي "القنية" عن المرغيناني: من أكل في نهار رمضان متعمدًا على وجه الشهرة يؤمر بقتله. انتهى "كاكي". (قوله: قضى وكفر)؛ أي: إذا كان عمدًا وقد نوى من الليل. اهـ. "غاية". (قوله: ككفارة الظهار) والكاف في ككفارة الظهار في محل النصب؛ لأنه صفة مصدر محذوف تقديره وكفر تكفيرًا ككفارة الظهار في الترتيب".
مذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل"، للخرشي (٢/ ٢٥٤)؛ حيث قال: "ولما كانت أنواع الكفارة ثلاثة والمعروف أنها على التخيير قال (ص): بإطعام ستين =

<<  <  ج: ص:  >  >>