للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تكن هناك حاجة أو ضرورة، فعليه ألا يضرب الإبر أو يقطر في أنفه أو في أذنه أو في حلقه أو يكتحل إلا في الليل، وبذلك يكون مستقرَّ النَّفس مطمئنَّ الفؤاد عاملًا بحديث: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".

وعندما تنظر إلى مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة ومذهب المالكية ليس ببعيد عنهم تفصيلًا تجد أنهم يمنعون هذه الأشياء. وترى أن هؤلاء علماء ولهم مكانتهم ويعتمد عليهم، وتجد أنك واقعٌ في الحيرة؛ إذن لماذا تذهب فتقطر في عينك؟ نعم، إن كانت هناك حاجة ضرورة فالظاهر أن القطرة لا تأثير لها؛ لأنها ليست مغذِّية، ولو أن إنسانًا استنشق الماء متعمدًا عن طريق الأنف ليصل إلى حلقه ليبتلعه؛ هذا متعمد، لكن إنسان يتوضأ وهو صائم فتجاوز الماء فدخل إلى الحلق؛ هذا لا شيء عليه (١)؛ لأنه ما قصد ذلك، وقد يأكل وقد يشرب وقد يأكل حتى يتضلع شبعًا وربما يشرب حتى تمتلئ معدته من الماء وهو صائم ثم يتذكر قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما أطعمه اللَّه وسقاه" (٢).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "المبسوط"، للسرخسي (٣/ ٦٦)؛ حيث قال: "وإذا تمضمض الصائم فسبقه الماء فدخل حلقه؛ فإن لم يكن ذاكرًا لصومه فصومه تام كما لو شرب، وإن كان ذاكرًا لصومه فعليه القضاء عندنا خلافًا للشافعي".
مذهب المالكية، يُنظر: "الذخيرة"، للقرافي (٢/ ٥٠٨)؛ حيث قال: "إذا سبقه الماء من المضمضة يقضي في الواجب دون التطوع قال: سند لا تكره المضمضة للحر والعطش ولا لغير ذلك، وإنما تكره المبالغة والفرق بينها وبين مداواة الحفر: أن الماء لا يعلق بخلاف الدواء".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٢/ ١٥٨)؛ حيث قال: " (ولو سبق ماء المضمضة أو الاستنشاق) المشروع (إلى جوفه) من باطن أو دماغ (فالمذهب أنه إن بالغ) في ذلك (أفطر)؛ لأن الصائم منهي عن المبالغة كما سبق في الوضوء (وإلا)؛ أي: وإن لم يبالغ (فلا) يفطر؛ لأنه تولد من مأمور به بغير اختياره، وقيل: يفطر مطلقًا؛ لأنه وصل بفعله، وقيل: لا يفطر مطلقًا لعدم الاختيار".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٤٨٣)؛ حيث قال: " (أو تمضمض) أو استنشق فدخل الماء حلقه بلا قصد، أو بلع ما بقي من أجزاء الماء بعد المضمضة لم يفسد". وانظر: "المغني"، لابن قدامة (٣/ ١٢٣).
(٢) جُزء من حديث أخرجه البخاري (١٩٣٣)، ومسلم (١١٥٥) عن أبي هريرة، عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>