للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو رأيت مسلمًا يشرب في نهار رمضان، فلا أقول: هذا نسي وأتركه؛ لأنني لو تركته فقد تركته على منكر، نعم هو معذور ولا مسؤولية عليه أمام اللَّه، لكنك أنت المشاهد له المطلع على ما يعمل فينبغي أن تنكر عليه هذا العمل، أولًا: لأنه شرب أو أكل في رمضان وهذا لا يجوز.

الأمر الآخر: أن هذا في ظاهره منكر؛ لأن الأكل والشرب في رمضان حتى من غير المسلمين لا يجوز وليس لهم أن يجاهروا وأن يظهروا أمام المسلمين الأكل والشرب لما يترتب على ذلك من الاستخفاف بالإسلام وبأهله (١).

وقد ذكرنا أن الإنسان لو قدر أنه رأى الهلال إما للإمساك أو للإفطار ولم يؤخذ برأيه فأفطر فإنه لا يظهر ذلك للناس، لما في ذلك من مخالفة الإمام، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس" (٢).

فالمخالفة ممنوعة، والشذوذ مردود ولا ينبغى له أن يخالف الجماعة، ولا يقول: إن اللَّه تعالى يقول: {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: ٢٤]؛ لأنك تخالف هؤلاء إذا كانوا على ضلال وأنت على حق، أما أن تختلف معهم في مسألة والجماعة في جانب وأنت تشذ وترى أنك على الحق، لا، حتى وإن اعتقدت ذلك وأردت أن تحتاط لنفسك، لكن لا تجاهر في هذا الأمر.

إذن؛ في هذه القضية الأحوط للمسلم ألا يفعل ذلك، لكن لو أصيب إنسان بداء السكري، وبلغ الحد، هل يجوز للإنسان في هذا المقام أن يترك أخذ الإبرة؟ إن فعلها ولم يترتب عليه ضرر يفعل ذلك، لكنه قد


= النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا نسي فأكل وشرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه اللَّه وسقاه".
(١) وقال الذهبي في "الكبائر" (ص ٦٤): "وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض (أي: بلا عذر يبيح ذلك) أنه شر من الزاني ومدمن الخمر، بل يشكُّون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال".
(٢) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>